والحق أن يقال: إن التعظيم ظيم الذي له مدخل في حفظ مرتبة ذلك الشئ المحترم وله ربط في احترامه فهو واجب وتركه محرم، وإليه ينصرف إطلاق التعظيم في الآية والرواية، وما زاد على ماهية التعظيم فليس بواجب، بل هو أمر راجح بالعقل والنقل.
وهذا المقدار يكفي في استدلال الأصحاب في خصوص المساجد والمشاهد والتربة، وسائر شعائر العبادة، ومواقف الحج، واحترام المؤمن والقرآن، وكيفية الزيارات، وعدم جواز بيع المصحف والمسلم على الكافر أو رهنه عنده، وعدم جواز استيجار الكافر رقبة المسلم - أي: عينه - بخلاف ذمته، ونحو ذلك من الفروع المنتشرة.
ولا يخفى على المتتبع الفقيه أن ما حكموا بوجوبه إنما هو ذلك القسم من التعظيم، وما حكموا بتحريمه إنما هو ترك ذلك القسم، وما زاد على ذلك من التعظيمات فجعلوها من المستحبات، كما لا يخفى على من راجع أحكام المسجد والكعبة، وكيفية الدخول والخروج فيهما وفي المساجد.
وهذا هو تحقيق هذا المحل، وينتشر من هذه القاعدة فروع لا تحصى.
* * *