وقد يكون العمل بحيث يعد ذلك معاونة للظلم وإن لم يكن قاصدا لذلك، كما لو كان مثل الوزراء والعمال والكتاب والجنود، فإن هذه الجماعة وإن لم يكونوا قاصدين من وزارتهم وجنديتهم الإعانة على المعاصي والظلم، لكن هذه الصنعة وهذه المناصب تعد معاونة لقيام الشوكة بهم.
وكذلك قد يكون ذهاب شخص إلى عاص أو ظالم يكون سببا لجرأته وشوكته من جهة كون مسيره إليه سببا لبعض قوة له في عمله، فإن هذا المسير إذا كان بهذه المثابة يصير إعانة على المحرم وإن لم يكن بهذا القصد، ونحو ذلك المكاتبة إلى شخص كذلك، كما لا يخفى على المتأمل.
وبالجملة: ليس الأمر منحصرا بالقصد، بل قد يكون نفس ذلك العمل يعد إعانة وإن لم يكن فاعله قاصدا لذلك.
نعم، منه ما يكون ظاهرا في كونه إعانة، فلو عرض له قصد مغاير - كالتماس مظلوم أو نحو ذلك - يصرفه عن ظاهره. ومنه ما يكون متمحضا لا ينفع فيه نية الخلاف، فتدبر.
ثم إنه لا يفترق الحال في صورة قصد الإعانة على المعصية أن يكون هذا سببا مستقلا وداعيا إلى الفعل، أو يكون منضما إلى شئ آخر، كتحصيل مال أو حفظ أمر بحيث يكون كل منهما سببا مستقلا في ذلك، أو يكون المجموع المركب سببا فيه بحيث لو انتفى أحدهما لم يفعله، أو تكون الإعانة مقصودة بالذات والمال - مثلا - تابعا، أو بالعكس، فإن هذه كلها إعانة محرمة.
وهل يشترط في تحريم ذلك ترتب المعصية المقصودة عليه، فلو نوى الإعانة وفعل فلم يترتب المعصية لعروض مانع عنه - كمن أعطى سيفا لقتل مظلوم فلم يقتله الظالم، أو آجر دارا للخمار بهذا القصد فلم يتمكن من جعله فيه - لا يعد هذا معصية؟ الحق عدم الاشتراط، فإنه محرم وإن لم يترتب عليه.
لكنه هل تحريمه لأنه إعانة، أو تحريم آخر من جهة أن الإعانة على الإثم لا