سبق أحد - مثلا - إلى مكان مشترك فدفعه غيره فقد أضره في حقه.
وأما مثل المشاهد والمشاعر التي قد ذكرنا في الموارد أن الممانعة فيها بإحياء أو إطالة أو نحو ذلك إضرار، فلا يتوهم أنه حق لم يتعلق بعد فكيف يعد ذلك ضررا؟ إذ الحق أن تعلق حق المسلمين - مثلا - بعرفة ومنى ومشاهد الزيارة ونحوها متحقق بالفعل، فإن ذلك كله معدود من مصالحهم، ولا يلزم حضورهم في ذلك الوقت، فلو خربها شخص أو عمرها بما يمنع الغرض المقصود فقد غصب [على] (1) المسلمين حقوقهم وأضرهم.
ونحو ذلك إجابة الخطبة والدخول في السوم، فإن بمجرد المقاولة تعلق حق للسابق وإن لم يتحقق بعد [فان] (2) من دفعه عن ذلك فقد أضره.
وأما البدن: فلا ريب في كون ما يوجب منقصة في عينه ومنفعته أو هيئته المتعارفة ضررا وإضرارا، سواء كان بجرح أو قطع أو إحداث مرض أو ازدياده أو بطؤ برئه، وكذا ما يوجب حدوث ألم فيه مناف للطبيعة.
وأما العرض: فضابطه ما هو داخل في احترام المكلف، ليكون هتكه موجبا لذلته وانكساره بين الناس، فمن تعدى على زوجته أو تطلع على عورته أو دخل على عياله أو ما يتعلق به من المحارم والنساء أو اغتابه أو اتهمه أو طعن عليه في وجهه أو أظهر شيئا مما لا يرضى بظهوره، فهو هتك للعرض، إضرار في الحقيقة، ومثل ذلك يعد ضررا.
ودعوى: انصراف (الضرر) إلى المال والبدن أو عدم شموله لمثل ذلك، ممنوع، بل الحق أن ذلك كله ضرر وإضرار، ويجئ توضيحه، ويدل عليه رواية سمرة - كما مرت - (3).
ومثل ذلك فعل شئ يوجب الاستخفاف والمهانة ولو بترك بعض التعارفات العادية التي ليس من شأنها أن يترك بالنسبة إليه، فإن ذلك كله داخل في الأضرار بالعرض وإسقاط الاحترام.