شككت فيه مما قد مضى فامضه) (1) ولا ريب أن العمل بعد الفراغ منه وإن لم يدخل في شئ آخر فقد مضى.
ودعوى: أنه لا يصدق (المضي) إلا بالدخول بشئ (2) آخر، لا يساعده العرف وينكره الوجدان.
قيل: غايته أنه مطلق يتقيد بما في الخبرين من القيد، لأن السيد إذا قال لعبده:
(إذا رأيت رجلا فسلم عليه، وإذا رأيت رجلا عالما فسلم عليه) يفهم منه التقييد وأن الحكم في الرجل العالم.
قلت: ما سمعته من حمل المطلق على المقيد في الأصول لفهم العرف إنما هو بعد العلم باتحاد التكليف، فإن العرف يفهم التقييد، لا حمل الخصوصية على الفضيلة ونحوه. وأما لو كان هناك خطابان قابلان لكونهما مكلفا بهما فلا وجه للتقييد. ويأتي - إن شاء الله - تحقيقه في باب عدم التداخل في الأسباب، فلعل الشارع يكتفي في سقوط حكم الشك بالمضي مطلقا ومع الدخول في غيره، وفهم التقييد في هذا المقام لا مأخذ له.
قيل: إطلاق (ما مضى) وارد مورد الغالب من الدخول في شئ آخر، فلا يدل على ما إذا لم يدخل.
قلت: إن اكتفيت في (شئ آخر) بمجرد السكون والسكوت والحالة الخارجة عن العمل مطلقا، فنعم الوفاق! وهو الذي نريده من (ما مضى) وغرضنا من عدم الدخول في شئ آخر عدم الدخول في فعل وجودي غير ذلك يعد مستقلا في النظر بالنسبة إلى ما مضى عرفا.
وإن أردت من (الغير) المعنى الثاني، فلا نسلم أن الغالب ذلك، فإن الغالب بعد الخروج من العمل عدم الدخول في ما يقابلها عرفا، ولنوضح في مثال، مثلا:
إذا فرغ من صلاة أو طواف أو سعي أو ذبح أو صيد أو وضوء أو غسل أو تيمم