ولأن (1) الكشف يقتضي حصول شئ قهرا على المكلف، مع أن مثل ذلك في الأسباب الاختيارية غير معهود من الشريعة.
فإنا لو قلنا مثلا: إن القبول في الوصية كاشف أو الأذن في العقد الفضولي أو الإكراه كاشف يكون معناه: دخول الثمن إن كان بائعا ودخول المثمن إن كان مشتريا - وكذا الموصى به - في ملكه من دون اختياره، فإن الفرض أن كلامه الان كاشف عن وقوعه في ذلك الوقت، فصار الدخول في ملكه في الواقع في ذلك الوقت قهرا عليه.
ويجري هذا الكلام في عدول العبادات بنية أو بعروض كمال، وفي مضي الايقاعات والصدقات محسوبا على نفس المكلف، فإنه يلزم في ذلك كله وقوع شئ منه من دون أن ينويه أو يريده، بل مع أنه نوى خلافه، فيلزم أن يكون في الواقع ما هو مشروط بنية أو بغير ذلك من المكلف يقع عليه، ويتحقق وإن لم يطلع عليه إلا بعد الانكشاف.
ولأن (2) حصول هذه الأشياء المؤثرة في عبادة أو معاملة ليست في الحقيقة إلا كالقبول في العقود، سيما قبول الوصية، فإنه عين ذلك ومن جملتها.
فلو قلنا في ذلك كله بالكشف فلم لا نقول في قبول العقد كذلك؟ بمعنى أن نقول: إن الانتقال حصل في الواقع من زمن الإيجاب، وكذلك ما هو بمنزلة الانتقال من إباحة أو نيابة أو تعلق حق، أو غير ذلك من مقتضيات العقود، ويكون القبول من الطرف الآخر كاشفا عن سبق حصول الأثر المطلوب، مع أنهم أطبقوا على أن الأثر لا يتحقق إلا من آن القبول، حتى أنه لو تعارض عقدان من ولي أو وكيل أو أصيل أو نحو ذلك حكموا بالبطلان مع الاقتران وصحة السابق مع عدمه، وجعلوا معنى السبق والاقتران تساوي الحرف الأخير من القبولين في الوجود، وجعلوا الوجه في ذلك أن العقد هو المؤثر وتماميته إنما هو بالقبول، فمتى ما لم