حتى ينازع في أن اللازم العقلي هل يثبت بالأصل أو لا؟ فالكلام ساقط من أصله.
وثانيها: أن قياس مسألة الضد إلى محل البحث قياس مع الفارق، لأن الضد هناك واقعي.
وبيانه: أن الشارع لم يقل: (أيها الناس جعلت الصلاة والأكل ضدين) بل بين أن طبيعة الصلاة التي وضع اللفظ بإزائها ماهية كذائية لا تجامع الأكل، فكون الصلاة هكذا مستلزم للضدية في الواقع، وليس الضدية شيئا يجعله الشارع، بل الضد مجعول الشارع، لا الضدية، وذلك نظير الأضداد الخارجية بعينها، مثلا: خلق الله سبحانه الماء طبيعة لا تجتمع مع النار في الخارج، فلك أن تقول: إن الضدية جعلية، إذ لو لم يجعل الله الماء هكذا لم يكن ضدا، وهنا أيضا كذلك. وأي فرق بين ضدية القيام والقعود والصلاة والنوم؟
وما يتخيل أن الشارع لو قال: إن الصلاة تجتمع مع النوم لم يجوز المحال.
قلت في جوابه: إن هذا إخراج عن الماهية، لا جمع بين الضدين، فلو أخرج الله الماء عن المائية أيضا يجتمع مع النار، ولا بأس به، وهذا كلام في النظر الأولي.
وثالثها: (1) من يقول: إن امتناع الاجتماع أو استحالة الأمر بالضدين الشرعيين - على فرض تسليمه - عقلي؟ بل هو أيضا شرعي، إذ معنى الضدية شرعا عدم الاجتماع شرعا، لا عقلا، وعدم الاجتماع العقلي لازم الضدية العقلية، فلم يترتب الحكم على لازم عقلي، وما يترائى في بعض العبارات أن الاستحالة في الاجتماع عقلي (2) وإن كان الضد شرعيا ليس معناه وإن كان الضدية شرعية، بل هو إشارة إلى ما ذكرناه في الوجه الثاني من أن الضد الشرعي ماهية شرعية مجعولة على هذا النحو الذي يباين الأكل، فالضدية أيضا عقلي، بل ليس معنى الضدية إلا استحالة الاجتماع، فكيف تكون الضدية شرعية وعدم الاجتماع