وثانيهما: أنا كما نمنع التقدم في العيب نمنع التأخر في البيع أيضا، لأنا قررنا سابقا أن التأخر له معنيان:
أحدهما: الإضافي المحتاج إلى مقدم.
وثانيهما: نفس وجود الشئ في آن لاحق من دون إضافة إلى شئ. وأصالة التأخر معناه: الثاني، دون الأول، فينحل المعنى إلى أن البيع موجود في آن لاحق لا سابق، ولا يفيد هذا تأخرا حتى يلزمه تقدم، فيرد الاعتراض.
نعم، إذا وجد شئ في آن لاحق ووجد آخر في آن سابق، فأحدهما مقدم والاخر مؤخر وجودا خارجيا، وليس شئ منهما ثابتا من دليل حتى يستلزم الاخر، بل هما لازمان لوجود الشيئين على الفرض المعهود ومنتزعان من ذلك، وهذا لا يثمر شيئا.
ومن هنا يتضح فساد ذلك الكلام بحذافيره، إذ نفي وجود الشئ في آن معين كما قضى به الاستصحاب ليس ملازما لتأخر ولا لتقدم، بل هما صفتان خارجتان (1) فقد يكون هناك شئ مقدم فيكون هذا مؤخرا عنه بعد وجوده كذلك، وقد لا يكون هناك شئ أصلا فلا يكون تقدم ولا تأخر.
ففي مثالنا هذا لو لم يكن في الواقع عيب لم يلزم من فرض وجود البيع في الان المتيقن لا تقدم ولا تأخر، وإنما هو وجود في آن لاحق، ومعنى اللوازم للشئ عدم انفكاكه (2) في الوجود عن ذلك الشئ كما مثلناه في الإجارة وفي الصلاة، إذ لا يعقل وجود الصلاة في شئ من أجزاء الوقت الموسع إلا لعذر أو اختيار أو سفر أو حضر، وانفكاكه عن ذلك كله غير معقول، بخلاف وجود البيع، فإنه يجوز انفكاكه عن تقدم وتأخر واقتران.
وحاصل الكلام في دفع ما ذكره ذلك العلام (3) أن هنا ليس شئ مرخص من