لا العين، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد، وهو ظاهر ما نقله المزني عن الشافعي، وقد قال الشافعي أيضا: إن شطر البيت وتلقاء وجهته واحد في كلام العرب، واستدل لذلك أيضا بحديث أخرجه البيهقي عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض مشارقها ومغاربها من أمتي قال البيهقي: تفرد به عمر بن حفص المكي وهو ضعيف، قال:
وروي بإسناد آخر ضعيف لا يحتج بمثله. وإلى هذا المذهب ذهب الأكثر، وذهب الشافعي في أظهر القولين عنه إلى أن فرض من بعد العين، وأنه يلزمه ذلك بالظن لحديث أسامة بن زيد أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه ولم يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع ركعتين في قبل القبلة وقال: هذه القبلة ورواه البخاري من حديث ابن عباس مختصرا، وقد عرفت ما قدمنا في باب صلاة التطوع في الكعبة من ترجيح أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى في الكعبة. وقد اختلف في معنى حديث الباب الأول فقال العراقي: ليس عاما في سائر البلاد، وإنما هو بالنسبة إلى المدينة المشرقة وما وافق قبلتها، وهكذا قال البيهقي في الخلافيات، وهكذا قال أحمد بن خالويه الوهبي قال: ولسائر البلدان من السعة في القبلة مثل ذلك بين الجنوب والشمال، ونحو ذلك قال ابن عبد البر، وهذا صحيح لا مدفع له ولا خلاف بين أهل العلم فيه. وقال الأثرم: سألت أحمد بن حنبل عن معنى الحديث فقال: هذا في كل البلدان إلا بمكة عند البيت فإنه إن زال عنه شيئا وإن قل فقد ترك القبلة، ثم قال: هذا المشرق وأشار بيده، وهذا المغرب وأشار بيده، وما بينهما قبلة، قلت له: فصلاة من صلى بينهما جائزة؟ قال: نعم وينبغي أن يتحرى الوسط. قال ابن عبد البر: تفسير قول أحمد هذا في كل البلدان يريد أن البلدان كلها لأهلها في قبلتهم مثل ما لمن كانت قبلتهم بالمدينة الجنوب التي يقع لهم فيها الكعبة فيستقبلون جهتها ويتسعون يمينا وشمالا فيها ما بين المشرق والمغرب، يجعلون المغرب عن أيمانهم والمشرق عن يسارهم، وكذلك لأهل اليمن من السعة في قبلتهم مثل ما لأهل المدينة ما بين المشرق والمغرب إذا توجهوا أيضا قبل القبلة إلا أنهم يجعلون المشرق عن أيمانهم والمغرب عن يسارهم، وكذلك أهل العراق وخراسان لهم من السعة في استقبال القبلة ما بين الجنوب والشمال، مثل ما كان لأهل المدينة من السعة فيما بين المشرق والمغرب، وكذلك ضد العراق على ضد ذلك أيضا، وإنما تضيق القبلة كل الضيق على أهل المسجد الحرام