اللغة، وهذا النوع هو المكروه الذي ورد النهي عنه. والنوع الثاني: أن يجعل أليتيه على العقبين بين السجدتين اه. قال في النهاية: والأول أصح. قوله: والتفات كالتفات الثعلب فيه كراهة الالتفات في الصلاة، وقد وردت بالمنع منه أحاديث، وثبت أن الالتفات اختلاس من الشيطان، وسيأتي الكلام على الالتفات في الباب الذي عقده المصنف له. وقد اختلف أهل العلم في كيفية الجمع بين هذه الأحاديث الواردة بالنهي عن الاقعاء، وما روي عن ابن عباس أنه قال في الاقعاء على القدمين بين السجدتين إنه السنة، فقال له طاوس: إنا لنراه جفاء بالرجل، فقال ابن عباس: هي سنة نبيكم. أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود. وأخرج البيهقي عن ابن عمر أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه ويقول إنه من السنة. وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يقعيان. وعن طاوس قال: رأيت العبادلة يقعون. قال الحافظ: وأسانيدها صحيحة، فقال الخطابي والماوردي: إن الاقعاء منسوخ ولعل ابن عباس لم يبلغه النهي.
وقد أنكر القول بالنسخ ابن الصلاح والنووي، وقال البيهقي والقاضي عياض وابن الصلاح والنووي وجماعة من المحققين: إنه يجمع بينهما بأن الاقعاء الذي ورد النهي عنه هو الذي يكون كإقعاء الكلب على ما تقدم من تفسير أئمة اللغة، والاقعاء الذي صرح ابن عباس وغيره إنه من السنة هو وضع الأليتين على العقبين بين السجدتين والركبتان على الأرض، وهذا الجمع لا بد منه. وأحاديث النهي والمعارض لها يرشد إليه لما فيها من التصريح بإقعاء الكلب، ولما في أحاديث العبادلة من التصريح بالاقعاء على القدمين وعلى أطراف الأصابع. وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال: من السنة أن تمس عقبيك أليتيك وهو مفسر للمراد، فالقول بالنسخ غفلة عن ذلك، وعما صرح به الحفاظ من جهل تاريخ هذه الأحاديث، وعن المنع من المصير إلى النسخ مع إمكان الجمع. وقد روي عن جماعة من السلف من الصحابة وغيرهم فعله كما قال النووي، ونص الشافعي في البويطي والاملاء على استحبابه. وأما النهي عن عقب الشيطان فقد عرفت تفسير ذلك في شرح الحديث الأول. وقال الحافظ في التلخيص: يحتمل أن يكون واردا للجلوس للتشهد الأخير، فلا يكون منافيا للقعود على العقبين بين السجدتين، والأولى أن يمنع كون الاقعاء المروي عن العبادلة مما يصدق عليه حديث النهي عن عقب الشيطان مسندا بما تقدم في تفسيره.