عليه وآله وسلم كان يجعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه ويفرش قدمه اليمنى، واختار هذه الصفة أبو القاسم الخرقي في مصنفه، ولعله صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعل هذا تارة. وقد وقع الخلاف في الجلوس للتشهد الأخير هل هو واجب أم لا؟ فقال بالوجوب عمر بن الخطاب وأبو مسعود وأبو حنيفة والشافعي. ومن أهل البيت: الهادي والقاسم والناصر والمؤيد بالله. وقال علي بن أبي طالب والثوري والزهري ومالك أنه غير واجب. استدل الأولون بملازمته صلى الله عليه وآله وسلم له والآخرون بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يعلمه المسئ ومجرد الملازمة لا يفيد الوجوب، وهذا هو الظاهر لا سيما مع قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المسئ بعد أن علمه: فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك ولا يتوهم أن ما دل على وجوب التسليم دل على وجوب جلوس التشهد لأنه لا ملازمة بينهما.
وعن أبي حميد أنه قال وهو في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته رواه البخاري، وقد سبق لغيره بلفظ أبسط من هذا.
الحديث تقدم في باب رفع اليدين، وههنا ألفاظ لم تذكر هنالك، وبعضها محتاج إلى الشرح، فمن ذلك. قوله: ثم هصر ظهره هو بالهاء والصاد المهملة المفتوحتين، أي ثناه في استواء من غير تقويس ذكره الخطابي. قوله: حتى يعود كل فقار الفقار بفتح الفاء والقاف جمع فقارة وهي عظام الظهر، وهي العظام التي يقال لها خرز الظهر قاله الفزاز. وقال ابن سيده: هي من الكاهل إلى العجب، وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي أن عدتها سبع عشرة، وفي أمالي الزجاج أصولها سبع غير التوابع. وعن الأصمعي هي خمس وعشرون: سبع في العنق، وخمس في الصلب، وبقيتها في طرف الأضلاع، كذا في الفتح. قوله: واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة فيه حجة لمن قال: إن السنة أن ينصب قدميه في السجود، وأن تكون أصابع رجليه متوجهة إلى القبلة، وإنما يحصل توجيهها بالتحامل عليها والاعتماد على بطونها. (والحديث) قد اشتمل على جمل واسعة من صفة صلاته صلى الله عليه وآله وسلم، وقد تقدم الكلام على كل