عليه وآله وسلم أم قرأ ذلك عمدا؟ رواه أبو داود.
الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، وقد قدمنا أن جماعة من أئمة الحديث صرحوا بصلاحية ما سكت عنه أبو داود للاحتجاج، وليس في إسناده مطعن، بل رجاله رجال الصحيح، وجهالة الصحابي لا تضر عند الجمهور وهو الحق. قوله: يقرأ في الصبح إذا زلزلت فيه استحباب قراءة سورة بعد الفاتحة وجواز قراءة قصار المفصل في الصبح.
قوله: فلا أدري أنسي فيه دليل لمذهب الجمهور القائلين بجواز النسيان عليه صلى الله عليه وآله وسلم وقد صرح بذلك حديث: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ولكن فيما ليس طريقه البلاغ، قالوا: ولا يقر عليه بل لا بد أن يتذكره، واختلفوا هل من شرط ذلك الفور أم يصح على التراخي قبل وفاته صلى الله عليه وآله وسلم. قوله: أم قرأ ذلك عمدا تردد الصحابي في أن إعادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسورة هل كان نسيانا لكون المعتاد من قراءته أن يقرأ في الركعة الثانية غير ما قرأ به في الأولى فلا يكون مشروعا لامته، أو فعله عمدا لبيان الجواز، فتكون الإعادة مترددة بين المشروعية وعدمها، وإذا دار الامر بين أن يكون مشروعا أو غير مشروع فحمل فعله صلى الله عليه وآله وسلم على المشروعية أولى، لأن الأصل في أفعاله التشريع والنسيان على خلاف الأصل. ونظيره ما ذكره الأصوليون فيما إذا تردد فعله صلى الله عليه وآله وسلم بين أن يكون جبليا أو لبيان الشرع والأكثر على التأسي به.
وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما: * (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) * (البقرة: 136) الآية التي في البقرة، وفي الآخرة: * (آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون) * (آل عمران: 52) وفي رواية: كان يقرأ في ركعتي الفجر: * (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) * (البقرة: 136) والتي في آل عمران: * (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) * (آل عمران: 64) رواهما أحمد ومسلم.
الروايات فيما كان يقرؤه صلى الله عليه وآله وسلم في الركعتين قبل الفجر مختلفة.
فمنها ما ذكره المصنف. ومنها ما في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ في ركعتي الفجر: * (قل يا أيها الكافرون) * (الكافرون: 1) و * (قل هو الله أحد) * (الاخلاص: 1) وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى أني لأقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟ وفي