المالكية تعليم الصبيان في المساجد وقال: إنه من باب البيع وهذا إذا كان بأجرة، فإن كان بغير أجرة كان مكروها لعدم تحرزهم من الوسخ الذي يصان عنه المسجد، وقد تقدم اختلاف الأحاديث في دخولهم المساجد في باب حمل المحدث.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيرا أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله، ومن دخل لغير ذلك كان كالناظر إلى ما ليس له رواه أحمد وابن ماجة وقال: هو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره.
الحديث إسناده في سنن ابن ماجة، هكذا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر عن المقبري عن أبي هريرة فذكره، وحاتم بن إسماعيل قد وثقه ابن سعد وهو صدوق كان يهم وبقية الاسناد ثقات، وحميد بن صخر هو حميد الطويل الامام الكبير. قوله: مسجدنا هذا فيه تصريح بأن الاجر المترتب على الدخول إنما يحصل لمن كان في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يصح إلحاق غيره به من المساجد التي هي دونه في الفضيلة لأنه قياس مع الفارق. قوله: ليتعلم خيرا أو ليعلمه فيه أن الثواب المذكور. إنما يتسبب عن هذه الطاعة الخاصة لا عن كل طاعة. وفيه أيضا التنويه بشرف تعلم العلم وتعليمه، لأنه هو الخير الذي لا يقادر قدره، وهذا إن جعل تنكير الخير للتعظيم، ويمكن إدراج كل تعلم وتعليم لخير أي خير كان تحت ذلك فيدخل كل ما فيه قربة يتعلمها الداخل أو يعلمها غيره. وفيه أيضا التسوية بين العالم والمتعلم والارشاد إلى أن التعليم والتعلم في المسجد أفضل من سائر الأمكنة. قوله: ومن دخل لغير ذلك إلخ ظاهره أن كل ما ليس فيه تعليم ولا تعلم من أنواع الخير لا يجوز فعله في المسجد ولا بد من تقييده، بما عدا الصلاة والذكر والاعتكاف ونحوها مما ورد فعله في المسجد أو الارشاد إلى فعله فيه. (والحديث) يدل على أن المسجد لم يوضع لكل طاعة، بل الطاعات مخصوصة لتقييد الخير في الحديث بالتعليم والتعلم.
وعن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقام الحدود في المساجد ولا يستفاد فيها رواه أحمد وأبو داود والدارقطني.
الحديث أخرجه أيضا الحاكم وابن السكن والبيهقي، قال الحافظ في التلخيص: ولا بأس بإسناده، وقال في بلوغ المرام: إن إسناده ضعيف. وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي وابن ماجة وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف من قبل حفظه، وعن جبير بن مطعم عند البزار