قال سورة البقرة والتي تليها قال: قم فعلمها عشرين آية). دل الحديث على مسائل عديدة وقد تتبعها ابن التين وقال: هذه إحدى وعشرين فائدة بوب البخاري على أكثرها. قلت:
ولنأت بأنفسها وأوضحها. الأولى: جواز عرض المرأة نفسها على رجل من أهل الصلاح.
وجواز النظر من الرجل وإن لم يكن خاطبا لإرادة التزوج يريد: أنه ليس جواز النظر خاصا للخاطب بل يجوز لمن تخطبه المرأة فإن نظره (ص) إليها أنه أراد زواجها بعد عرضها عليه نفسها وكأنها لم تعجبه فأضرب عنها. والثانية: ولاية الامام على المرأة التي لا قريب لها إذا أذنت، إلا أن في بعض ألفاظ الحديث أنها فوضت أمرها إليه وذلك توكيل. وأنه يعقد للمرأة من غير سؤال عن وليها هل هو موجود أو لا، حاضر أو لا، وسؤالها هل هي في عصمة رجل أو عدمه. قال الخطابي: وإلى هذا ذهب جماعة حملا على ظاهر الحال.
وعند الهادوية أنها تحلف الغريبة احتياطا. الثالثة: أن الهبة لا تثبت إلا بالقبول. الرابعة أنه لا بد من الصداق في النكاح وأنه يصح أن يكون شيئا يسيرا فإن قوله: ولو خاتما من حديد " مبالغة في تقليله فيصح بكل ما تراضى عليه الزوجان أو من إليه ولاية العقد مما فيه منفعة.
وضابطه أن كل ما يصلح أن يكون قيمة وثمنا لشئ يصح أن يكون مهرا. ونقل القاضي عياض الاجماع على أنه لا يصح أن يكون مما لا قيمة له ولا يحل به النكاح. وقال ابن حزم:
يصح بكل ما يسمى شيئا ولو حبة من شعير لقوله (ص) هل تجد شيئا . وأجيب بأن قوله (ص) ولو خاتما من حديد مبالغة في التقليل وله قيمة.
وبأن قوله في الحديث: (من استطاع منكم الباءة) ومن لم يستطع دل على أنه شئ لا يستطيعه كل واحد وحبة الشعير مستطاعة لكل أحد وكذلك قوله تعالى: * (ومن لم يستطع منكم طولا) * وقوله تعالى: * (أن تبتغوا بأموالكم) * دال على اعتبار المالية في الصداق حتى قال بعضهم: أقله خمسون وقيل أربعون وقيل خمسة دراهم وإن كانت هذه التقادير لا دليل على اعتبارها بخصوصها. والحق أنه يصح بما يكون له قيمة وإن تحقرت. والأحاديث والآيات يحتمل أنها خرجت مخرج الغالب وأنه لا يقع الرضا هنا من الزوجة إلا بكونه مالا له صورة ولا يطيق كل أحد تحصيله. الخامسة: أنه ينبغي ذكر الصداق في العقد لأنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة، فلو عقد بغير ذكر صداق صح العقد ووجب لها مهر المثل بالدخول وأنه يستحب تعجيل المهر. السادسة: أنه يجوز الحلف وإن لم يكن عليه اليمين وأنه يجوز الحلف على ما يظنه لأنه صلى الله عليه وسلم قال له بعد يمينه: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا فدل أن يمينه كانت على ظنه ولو كانت لا تكون إلا على العلم لم يكن للامر بذهابه إلى أهله فائدة.
السابعة: أنه لا يجوز للرجل أن يخرج من ملكه ما لا بد له منه كالذي يستر عورته أو يسد خلته من الطعام والشراب لأنه صلى الله عليه وسلم علل منعه عن قسمة ثوبه بقوله: (إن لبسته لم يكن عليك منه شئ). الثامنة: اختبار مدعي الاعسار فإنه (ص) لم يصدقه في أول دعواه الاعسار حتى ظهر له قرائن صدقه وهو دليل على أنه لا يسمع اليمين من مدعي الاعسار حتى تظهر قرائن إعساره. التاسعة: أنها لا تجب الخطبة للعقد لأنها لم تذكر