اختلفوا فيها على ما سنذكره. ومنها ما اتفقوا عليه مما لم يذكر ههنا قياسا علما ذكر فنقول: إن العلماء أجمعوا على أن في الشفتين الدية كاملة، والجمهور على أن في كل واحدة منهما نصف الدية، وروي عن قوم من التابعين أن السفلى ثلثي الدية لأنها تحبس الطعام والشراب، وبالجملة فإن حركتها والمنفعة بها أعظم من حركة الشفة العليا، وهو مذهب زيد بن ثابت. وبالجملة فجماعة العلماء وأئمة الفتوى متفقون على أن في كل زوج من الانسان الدية ما خلا الحاجبين وثديي الرجل. واختلفوا في الاذنين متى تكون فيهما الدية؟ فقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث: إذا اصطلمتا كان فيهما الدية، ولم يشترطوا إذهاب السمع، بل جعلوا في ذهاب السمع الدية مفردة. وأما مالك فالمشهور عنده أنه لا تجب في الاذنين الدية إلا إذا ذهب سمعهما، فإن لم يذهب ففيه حكومة، وروي عن أبي بكر أنه قضى في الاذنين بخمس عشرة من الإبل وقال: إنهما لا يضران السمع ويسترهما الشعر أو العمامة. وروي عن عمر وعلي وزيد أنهم قضوا في الاذن إذا اصطلمت نصف الدية. وأما الجمهور من العلماء فلا خلاف عندهم أن في الذهاب السمع الدية. وأما الحاجبان ففيهما عند مالك والشافعي حكومة، وقال أبو حنيفة: فيهما الدية، وكذلك في أشفار العين، وليس عند مالك في ذلك إلا حكومة. وعمدة الحنفية: ما روي عن ابن مسعود أنه قال: في كل اثنين من الانسان الدية وتشبيههما بما أجمعوا عليه من الأعضاء المثناة. وعمدة مالك: أنه لا مجال فيه للقياس وإنما طريقه التوقيف، فما لم يثبت من قبل السماع دية فالأصل أن فيه حكومة، وأيضا فإن الحواجب ليست أعضاء لهما منفعة ولا فعل بين - أعني ضروريا في الخلقة. وأما الأجفان فقيل في كل جفن منها ربع الدية، وبه قال الشافعي والكوفي، لأنه لا بقاء للعين دون الأجفان، وفي الجفنين الأسفلين عند غيرهما الثلث وفي الأعليين الثلثان. وأجمعوا على أن من أصيب من أطرافه أكثر من ديته أن له ذلك، مثل أن تصاب عيناه وأنفه فله ديتان. وأما الأنثيان فأجمعوا أيضا على أن فيهما الدية، وقال جميعهم: إن في كل واحدة منهما نصف الدية، إلا ما روي عن سعيد بن المسيب أنه قال: في البيضة اليسرى ثلثا الدية لان الولد يكون منها وفي اليمنى ثلث الدية، فهذه مسائل الأعضاء المزدوجة. وأما المفردة فإن جمهورهم على أن في اللسان خطأ الدية، وذلك مروي عن النبي (ص)، وذلك إذا قطع كله أو قطع منه ما يمنع الكلام، فإن لم يقطع منه ما منع الكلام ففيه حكومة. واختلفوا في القصاص فيه عمدا، فمنهم من لم ير فيه قصاصا وأوجب الدية، وهم مالك والشافعي والكوفي، لكن الشافعي يرى الدية في مال الجاني، والكوفي ومالك على العاقلة، وقال الليث وغيره: في اللسان عمدا القصاص وأما الانف فأجمعوا على أنه إذا أوعب جذعا على أن فيه الدية على ما في الحديث وسواء عند مالك
(٣٤٥)