كتاب الشركة والنظر في الشركة، في أنواعها، وفي أركانها الموجبة للصحة في الاحكام ونحن نذكر من هذه الأبواب ما اتفقوا عليه، وما اشتهر الخلاف فيه بينهم على ما قصدناه في هذا الكتاب. والشركة بالجملة عند فقهاء الأمصار على أربعة أنواع: شركة العنان: وشركة الأبدان وشركة المفاوضة. وشركة الوجوه. واحدة منها متفق عليها، وهي شركة العنان، وإن كان بعضهم لم يعرف هذا اللفظ، وإن كانوا اختلفوا في بعض شروطها على ما سيأتي بعد. والثلاثة مختلف فيها، ومختلف في بعض شروطها عند من اتفق منهم عليها.
القول في شركة العنان وأركان هذه الشركة ثلاثة: الأول: محلها من الأموال. والثاني: في معرفة قدر الربح من قدر المال المشترك فيه. الثالث: في معرفة قدر المال من الشريكين من قدر المال.
الركن الأول: فأما محل الشركة، فمنه ما اتفقوا عليه، ومنه ما اختلفوا فيه، فاتفق المسلمون على أن الشركة تجوز في الصنف الواحد من العين: أعني الدنانير والدراهم، وإن كانت في الحقيقة بيعا لا تقع فيه مناجزة، ومن شرط البيع في الذهب وفي الدارهم المناجزة، لكن الاجماع خصص هذا المعنى في الشركة، وكذلك اتفقوا فيما أعلم على الشركة بالعرضين يكونان بصفة واحدة واختلفوا في الشركة بالعرضين المختلفين وبالعيون المختلفة، مثل الشركة بالدنانير من أحدهما، والدراهم من الآخر، وبالطعام الربوي إذا كان صنفا واحدا، فههنا ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: فأما إذا اشتركا في صنفين من العروض، أو في عروض ودراهم أو دنانير، فأجاز ذلك ابن القاسم، وهو مذهب مالك، وقد قيل عنه إنه كره ذلك وسبب الكراهية اجتماع الشركة فيها والبيع، وذلك أن يكون العرضان مختلفين كأن كل واحد