الاسلام إلى أرض الحرب. والذي يظهر هو أن النفي تغريبهم عن وطنهم لقوله تعالى: * (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم) * الآية. فسوى بين النفي والقتل.
وهي عقوبة معروفة بالعادة من العقوبات كالضرب والقتل، وكا ما يقال فيه سوى هذا فليس معروفا لا بالعادة ولا بالعرف.
الباب الرابع: في مسقط الواجب عنه من التوبة وأما ما يسقط الحق الواجب عليه فإن الأصل فيه قوله تعالى: * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) *. واختلف من ذلك في أربعة مواضع: أحدها: هل تقبل توبته؟ والثاني:
إن قبلت فما صفة المحارب الذي تقبل توبته؟ فإن لأهل العلم في ذلك قولين: قول إنه تقبل توبته وهو أشهر لقوله تعالى: * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) * وقول: إنه لا تقبل توبته قال ذلك من قال إن الآية لم تنزل في المحاربين. وأما صفة التوبة التي تسقط الحكم إنهم اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال: أحدها: أن توبته تكون بوجهين: أحدهما: أن يترك ما هو عليه وإن لم يأت الامام، والثاني: أن يلقي سلاحه ويأتي الامام طائعا وهو مذهب ابن القاسم. والقول الثاني: أن توبته إنما تكون بأن يترك ما هو عليه ويجلس في موضعه ويظهر لجيرانه، وإن أتى الامام قبل أن تظهر توبته أقام عليه الحد، وهذا قول ابن الماجشون.
والقول الثالث: إن توبته إنما تكون بالمجئ إلى الامام، وإن ترك ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكما من الاحكام إن أخذ قبل أن يأتي الامام، وتحصيل ذلك هو أن توبته قيل: إنها تكون بأن يأتي الامام قبل أن يقدر عليه، وقيل: إنها تكون إذا ظهرت توبته قبل القدرة فقط، وقيل:
تكون بالامرين جميعا. وأما صفة المحارب الذي تقبل توبته، فإنهم اختلفوا فيها أيضا على ثلاثة أقوال: أحدها: أن يلحق بدار الحرب. والثاني: أن تكون له فئة. والثالث: كيفما كانت له فئة أو لم تكن لحق بدار الحرب أو لم يلحق. واختلف في المحارب إذا امتنع فأمنه الامام على أن ينزل، فقيل: له الأمان ويسقط عنه حد الحرابة، وقيل: لا أمان له لأنه إنما يؤمن المشرك.
وأما ما تسقط عنه التوبة، فاختلفوا في ذلك على أربعة أقوال: أحدها: أن التوبة إنما تسقط عنه حد الحرابة فقط، ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق الله وحقوق الآدميين، وهو قول مالك.
والقول الثاني: أن التوبة تسقط عنه حد الحرابة وجميع حقوق الله من الزنا والشراب والقطع في السرقة، ويتبع بحقوق الناس من الأموال والدماء إلا أن يعفو أولياء المقتول. والثالث: أن التوبة ترفع جميع حقوق الله، ويؤخذ بالدماء وفي الأموال بما وجد بعينه في أيديهم ولا تتبع ذممهم.
والقول الرابع: أن التوبة تسقط جميع حقوق الله وحقوق الآدميين من مال ودم إلا ما كان من