أشهد أقسم، ومكان قوله بالله غيره من أسمائه؟ والجمهور على أنه لا يجوز من ذلك إلا ما نص عليه من هذه الألفاظ أصله عدد الشهادات وأجمعوا على أن شرط صحته أن يكون بحكم حاكم.
الفصل الرابع: في حكم نكول أحدهما أو رجوعه فأما إذا نكل الزوج فقال الجمهور: إنه يحد، وقال أبو حنيفة: إنه لا يحد، ويحبس وحجة الجمهور عموم قوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات) * الآية، وهذا عام في الأجنبي والزوج، وقد جعل الالتعان للزوج مقام الشهود، فوجب إذا نكل أن يكون بمنزلة من قذف ولم يكن له شهود: أعني أنه يحد، وما جاء أيضا من حديث ابن عمر وغيره في قصة العجلاني من قوله عليه الصلاة والسلام إن قتلت قتلت، وإن نطقت جلدت، وإن سكت سكت على غيظ. واحتج الفريق الثاني بأن آية اللعان لم تتضمن إيجاب الحد عليه عند النكول والتعريض لايجابه زيادة في النص، والزيادة عندهم نسخ، والنسخ لا يجوز بالقياس ولا بأخبار الآحاد، قالوا: وأيضا لو وجب الحد لم ينفعه الالتعان ولا كان له تأثير في إسقاطه، لان الالتعان يمين فلم يسقط به الحد عن الأجنبي، فكذلك الزوج. والحق أن الالتعان يمين مخصوصة، فوجب أن يكون لها حكم مخصوص، وقد نص على المرأة أن اليمين يدرأ عنها العذاب، فالكلام فيما هو العذاب الذي يندرئ عنها باليمين، وللاشتراك الذي في اسم العذاب اختلفوا أيضا في الواجب عليها إذا نكلت، فقال الشافعي ومالك وأحمد والجمهور: إنها تحد، وحدها الرجم إن كان دخل بها ووجدت فيها شروط الاحصان، وإن لم يكن دخل بها فالجلد. وقال أبو حنيفة: إذا نكلت وجب عليها الحبس حتى تلاعن، وحجته قوله عليه الصلاة والسلام لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زنى بعد إحصان، أو كفر بعد إيمان، أو قتل نفس بغير نفس وأيضا فإن سفك الدم بالنكول حكم ترده الأصول، فإنه إذا كان كثير من الفقهاء لا يوجبون غرم المال بالنكول فكان بالحري أن يجب بذلك سفك الدماء.
وبالجملة فقاعدة الدماء مبناها في الشرع على أنها لا تراق إلا بالبينة العادلة أو بالاعتراف. ومن الواجب ألا تخصص هذه القاعدة بالاسم المشترك، فأبو حنيفة في هذه المسألة أولى بالصواب إن شاء الله. وقد اعترف أبو المعالي في كتابه البرهان بقوة أبي حنيفة في هذه المسألة وهو شافعي. واتفقوا على أنه إذا أكذب نفسه حد وألحق به الولد إن كان نفى ولدا. واختلفوا هل له أن يراجعها بعد اتفاق جمهورهم على أن الفرقة تجب باللعان، إما بنفسه وإما بحكم حاكم على ما نقوله بعد: فقال مالك والشافعي والثوري وداود وأحمد وجمهور فقهاء الأمصار: إنهما لا يجتمعان أبدا وإن أكذب نفسه، وقال أبو حنيفة وجماعة: إذا أكذب نفسه جلد الحد وكان خاطبا من الخطاب، وقد قال