كان الركوب مباحا. واختلفوا في الفارسين يصطدمان فيموت كل واحد منهما، فقال مالك وأبو حنيفة وجماعة: على كل واحد منهما دية الآخر وذلك على العاقلة، وقال الشافعي وعثمان البتي: على كل واحد منهما نصف دية صاحبه، لان كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه. وأجمعوا على أن الطبيب إذا أخطأ لزمته الدية. مثل أن يقطع الحشفة في الختان، وما أشبه ذاك، لأنه في معنى الجاني خطأ، وعن مالك رواية: أنه ليس عليه شئ، وذلك عنده إذا كان من أهل الطب، ولا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنه يضمن لأنه متعد، وقد ورد في ذلك مع الاجماع حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) قال: من تطبب ولم يعلم منه قبل ذلك الطب فهو ضامن والدية فيما أخطأه الطبيب عند الجمهور على العاقلة، ومن أهل العلم من جعله في مال الطبيب، ولا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنها في ماله على ظاهر حديث عمرو بن شعيب. ولا خلاف بينهم أن الكفارة التي نص الله عليها في قتل الحر خطأ واجبة.
واختلفوا في قتل العمد هل فيه كفارة؟ وفي قتل العبد خطأ، فأوجبها مالك في قتل الحر فقط في الخطأ دون العمد، وأوجبها الشافعي في العمد من طريق الأولى والأحرى، وعند مالك أن العمد في هذا حكمه حكم الخطأ. واختلفوا في تغليظ الدية في الشهر الحرام وفي البلد الحرام، فقال مالك وأبو حنيفة وابن أبي ليلى: لا تغلظ الدية فيهما، وقال الشافعي: تغلظ فيهما في النفس وفي الجراح، وروي عن القاسم بن محمد وابن شهاب وغيرهم أنه يزاد فيها مثل ثلثها، وروي ذلك عن عمر، وكذلك عند الشافعي من قتل ذا رحم محرم. وعمدة مالك وأبي حنيفة: عموم الظاهر في توقيت الديات، فمن ادعى في ذلك تخصيصا فعليه الدليل مع أنهم قد أجمعوا على أنه لا تغلظ الكفارة فيمن قتل فيهما. وعمدة الشافعي: أن ذلك مروي عن عمر وعثمان وابن عباس، وإذا روي عن الصحابة شئ مخالف للقياس وجب حمله على التوقيف، ووجه مخالفته للقياس أن التغليظ فيما وقع خطأ بعيد عن أصول الشرع، وللفريق الثاني أن يقول إنه قد ينقدح في ذلك قياس لما ثبت في الشرع من تعظيم الحرم واختصاصه بضمان الصيود فيه.