اللبن. والثانية: في سن الرضاع. والثالثة: في حل المرضع في ذلك الوقت عند من يشترط للرضاع المحرم وقتا خاصا. والرابعة: هل يعتبر فيه وصوله برضاع والتقام الثدي أو لا يعتبر. والخامسة: هل يعتبر فيه المخالطة أم لا يعتبر. والسادسة: هل يعتبر فيه الوصول من الحلق أو لا يعتبر. والسابعة: هل ينزل صاحب اللبن - أعني الزوج - من المرضع منزلة أب: وهو الذي يسمونه لبن الفحل أم ليس ينزل منه بمنزلة أب. والثامنة: الشهادة على الرضاع. والتاسعة: صفة المرضعة.
المسألة الأولى: أما مقدار المحرم من اللبن فإن قوما قالوا فيه بعدم التحديد وهو مذهب مالك وأصحابه، وروي عن علي وابن مسعود وهو قول ابن عمر وابن عباس، وهؤلاء يحرم عندهم أي قدر كان، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي، وقالت طائفة: بتحديد القدر المحرم، وهؤلاء انقسموا إلى ثلاث فرق، فقالت طائفة: لا تحرم المصة ولا المصتان وتحرم الثلاث رضعات فما فوقها، وبه قال أبو عبيد وأبو ثور، وقالت طائفة: المحرم خمس رضعات، وبه قال الشافعي، وقالت طائفة: عشر رضعات.
والسبب في اختلافهم في هذه المسألة: معارضة عموم الكتاب للأحاديث الواردة في التحديد ومعارضة الأحاديث في ذلك بعضها بعضا. فأما عموم الكتاب فقوله تعالى:
* (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) * الآية، وهذا يقتضي ما ينطلق عليه اسم الارضاع، والأحاديث المتعارضة في ذلك راجعة إلى حديثين في المعنى: أحدهما: حديث عائشة وما في معناه أنه قال عليه الصلاة والسلام لا تحرم المصة ولا المصتان أو الرضعة والرضعتان خرجه مسلم من طريق عائشة، ومن طريق أم الفضل، ومن طريق ثالث، وفيه قال: قال رسول الله (ص) لا تحرم الاملاجة ولا الاملاجتان والحديث الثاني: حديث سهلة في سالم أنه قال لها النبي (ص) أرضعيه خمس رضعات وحديث عائشة في هذا المعنى أيضا قالت كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله (ص) وهن مما يقرأ من القرآن فمن رجح ظاهر القرآن على هذه الأحاديث قال: تحرم المصة والمصتان. ومن جعل الأحاديث مفسرة للآية وجمع بينها وبين الآية ورجح مفهوم دليل الخطاب في قوله عليه الصلاة والسلام لا تحرم المصة ولا المصتان على مفهوم دليل الخطاب في حديث سالم قال: الثلاثة فما فوقها هي التي تحرم، وذلك أن دليل الخطاب في قوله لا تحرم المصة ولا المصتان يقتضي أن ما فوقها يحرم، ودليل الخطاب في قوله أرضعيه خمس رضعات يقتضي أن ما دونها لا يحرم والنظر في ترجيح أحد دليلي الخطاب.