وقالت طائفة: ليس عليه الحد وتقوم عليه فيغرمها لزوجته إن كانت طاوعته، وإن كانت استكرهها قومت عليه وهي حرة، وبه قال أحمد وإسحاق، وهو قول ابن مسعود. والأول قول عمر، ورواه مالك في الموطأ عنه. وقال قوم: عليه مائة جلدة فقط سواء أكان محصنا أو ثيبا، وقال قوم: عليه التعزير. فعمدة من أوجب عليه الحد أنه وطئ دون ملك تام ولا شركة ملك ولا نكاح فوجب الحد. وعمدة من درأ الحد ما ثبت أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قضى في رجل وطئ جارية امرأته أنه كان استكرهها فهي حرة وعليه مثلها لسيدتها وإن كانت طاوعته فهي له، وعليه لسيدتها مثلها وأيضا فإن له شبهة في مالها بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: تنكح المرأة.... فذكر مالها ويقوى هذا المعنى على أصل من يرى أن المرأة محجور عليها من زوجها فيما فوق الثلث، أو في الثلث فما فوقه، وهو مذهب مالك. ومنها ما يراه أبو حنيفة من درء الحد عن واطئ المستأجرة، والجمهور على خلاف ذلك وقوله في ذلك ضعيف ومرغوب عنه، وكأنه رأى أن هذه المنفعة أشبهت سائر المنافع التي استأجرها عليها، فدخلت الشبهة وأشبه نكاح المتعة. ومنها درء الحد عمن امتنع اختلف فيه أيضا وبالجملة فالأنكحة الفاسدة داخلة في هذا الباب، وأكثرها عند مالك تدرأ الحد إلا ما انعقد منها على شخص مؤبد التحريم بالقرابة مثل الأم وما أشبه ذلك، مما لا يعذر فيه بالجهل.
الباب الثاني: في أصناف الزناة وعقوباتهم والزناة الذين تختلف العقوبة باختلافهم أربعة أصناف: محصنون ثيب وأبكار وأحرار وعبيد وذكور وإناث. والحدود الاسلامية ثلاثة: رجم، وجلد، وتغريب. فأما الثيب الأحرار المحصنون، فإن المسلمين أجمعوا على أن حدهم الرجم إلا فرقة من أهل الأهواء فإنهم رأوا أن حد كل زان الجلد، وإنما صار الجمهور للرجم لثبوت أحاديث الرجم، فخصصوا الكتاب بالسنة أعني قوله تعالى: * (الزنية والزاني) * الآية. واختلفوا في موضعين:
أحدهما: هل يجلدون مع الرجم أم لا؟ والموضع الثاني: في شروط الاحصان.
أما المسألة الأولى: فإن العلماء اختلفوا هل يجلد من وجب عليه الرجم قبل الرجم أم لا؟ فقال الجمهور: لا جلد على من وجب عليه الرجم، وقال الحسن البصري وإسحاق وأحمد وداود: الزاني المحصن يجلد ثم يرجم. وعمدة الجمهور: أن رسول الله (ص) رجم ماعزا، ورجم امرأة من جهينة، ورجم يهوديين وامرأة من عامر من الأزد، كل ذلك مخرج في الصحاح ولم يروا أنه جلد واحدا منهم، ومن جهة المعنى أن الحد الأصغر ينطوي