وربما شبهوه بالوصية. وأما عمدة المالكية فعموم قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) لأنه عتق إلى أجل فأشبه أم الولد أو أشبه العتق المطلق. فكان سبب الاختلاف ههنا: معارضة القياس للنص، أو العموم للخصوص. ولا خلاف بينهم أن المدبر أحكامه في حدوده وطلاقه وشهاداته وسائر أحكامه أحكام العبيد. واختلفوا من هذا الباب في جواز وطئ المدبرة، فجمهور العلماء على جواز وطئها، وروي عن ابن شهاب منع ذلك، وعن الأوزاعي كراهية ذلك إذا لم يكن وطئها قبل التدبير. وعمدة الجمهور: تشبيهها بأم الولد، ومن لم يجز ذلك شبهها بالمعتقة إلى أجل، ومنع وطئ المعتقة إلى أجل شبهها بالمنكوحة إلى أجل، وهي المتعة، واتفقوا على أن للسيد في المدبر الخدمة، ولسيده أن ينتزع ماله منه متى شاء كالحال في العبد، قال مالك: إلا أن يمرض مرضا مخوفا فيكره له ذلك.
الجنس الثالث فأما ما يتبعه في التدبير ممالا يتبعه، فإن من مسائلهم المشهورة في هذا الباب اختلافهم في ولد المدبرة الذين تلدهم بعد تدبير سيدها من نكاح أو زنا، فقال الجمهور:
ولدها بعد تدبيرها بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها، وقال الشافعي في قوله المختار عند أصحابه إنهم لا يعتقون بعتقها، وأجمعوا على أنه إذا أعتقها سيدها في حياته أنهم يعتقون بعتقها. وعمدة الشافعية: أنهم إذا لم يعتقوا في العتق المنجز فأحرى أن لا يعتقوا في العتق المؤجل بالشرط. واحتج أيضا بإجماعهم على أن الموصى لها بالعتق لا يدخل فيه بنوها.
والجمهور رأوا: أن التدبير حرمة ما، فأوجبوا اتباع الولد تشبيها بالكتابة، وقول الجمهور مروي عن عثمان وابن مسعود وابن عمر، وقول الشافعي مروي عن عمر بن عبد العزيز وعطاء بن أبي رباح ومكحول. وتحصيل مذهب مالك في هذا أن كل امرأة فولدها تبع لها، إن كانت حرة فحر، وإن كانت مكاتبة فمكاتب وإن كانت مدبرة فمدبر، أو معتقة إلى أجل فمعتق إلى أجل، وكذلك أم الولد ولدها بمنزلتها - وخالف في ذلك أهل الظاهر - وكذلك المعتق بعضه عند مالك، وأجمع العلماء عن أن كل ولد من تزويج فهو تابع لامه في الرق والحرية وما بينهما من العقود المفضية إلى الحرية إلا ما اختلفوا فيه من التدبير ومن أمة زوجها عربي. وأجمعوا على أن كل ولد من ملك يمين أنه تابع لأبيه، إن حرا فحرا، وإن عبدا فعبدا، وإن مكاتبا فمكاتبا. واختلفوا في المدبر إذا تسرى فولد له فقال مالك: حكمه حكم الأب: يعني أنه مدبر، وقال الشافعي وأبو حنيفة: ليس يتبعه ولده في التدبير، وعمدة مالك: الاجماع على الولد من ملك اليمين تابع للأب ما عدا المدبر، وهو باب قياس موضع الخلاف على موضع الاجماع. وعمدة الشافعية: أن ولد المدبر مال من