هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) * الآية، ومن قال ليس بلازم قال: لا يجوز النكاح بالإجارة. والسبب الثاني: هل يجوز أن يقاس النكاح في ذلك على الإجارة؟ وذلك أن الإجارة هي مستثناة من بيوع الغرر المجهول، ولذلك خالف فيها الأصم وابن علية، وذلك أن أصل التعامل إنما هو على عين معروفة ثابتة في عين معروفة ثابتة، والإجارة هي عين ثابتة في مقابلتها حركات وأفعال غير ثابتة ولا مقدرة بنفسها. ولذلك اختلف الفقهاء متى تجب الأجرة على المستأجر. وأما كون العتق صداقا فإنه منعه فقهاء الأمصار ما عدا داود وأحمد. وسبب اختلافهم: معارضة الأثر الوارد في ذلك للأصول. أعني ما ثبت من أنه عليه الصلاة والسلام أعتق صفية وجعل عتقها صداقها مع احتمال أن يكون هذا خاصا به عليه الصلاة والسلام لكثرة اختصاصه في هذا الباب. ووجه مفارقته للأصول أن العتق إزالة ملك، والإزالة لا تتضمن استباحة الشئ بوجه آخر لأنها إذا أعتقت ملكت نفسها، فكيف يلزمها النكاح؟ ولذلك قال الشافعي: إنها إن كرهت زواجه غرمت له قيمتها، لأنه رأى أنها قد أتلفت عليه قيمتها إذا كان إنما أتلفها بشرط الاستمتاع بها، وهذا كله لا يعارض به فعله عليه الصلاة والسلام ولو كان غير جائز لغيره لبينه عليه الصلاة والسلام والأصل أن أفعاله لازمة لنا، إلا ما قام الدليل على خصوصيته. وأما صفة الصداق فإنهم اتفقوا على انعقاد النكاح على العوض المعين الموصوف، أعني المنضبط جنسه وقدره بالوصف، واختلفوا في العوض الغير موصوف ولا معين، مثل أن يقول أنكحتكها على عبد أو خادم، من غير أن يصف ذلك وصفا يضبط قيمته، فقال مالك وأبو حنيفة يجوز، وقال الشافعي: لا يجوز، وإذا وقع النكاح على هذا الوصف عند مالك كان لها الوسط مما سمى. وقال أبو حنيفة: يجبر على القيمة. وسبب اختلافهم: هل يجري النكاح في ذلك مجرى البيع من القصد في التشاح، أو ليس يبلغ ذلك المبلغ بل القصد منه أكثر ذلك المكارمة؟ فمن قال يجري في التشاح مجرى البيع قال: كما لا يجوز البيع على شئ غير موصوف كذلك لا يجوز النكاح، ومن قال ليس يجري مجراه إذ المقصود منه إنما هو المكارمة قال: يجوز.
وأما التأجيل فإن قوما لم يجيزوه أصلا، وقوم أجازوه واستحبوا أن يقدم شيئا منه إذا أراد الدخول وهو مذهب مالك، والذين أجازوا التأجيل منهم من لم يجزه إلا لزمن محدود وقدر هذا البعد، وهو مذهب مالك، ومنهم من أجازه لموت أو فراق، وهو مذهب الأوزاعي.
وسبب اختلافهم: هل يشبه النكاح البيع في التأجيل أو لا يشبهه؟ فمن قال يشبهه لم يجز التأجيل لموت أو فراق، ومن قال لا يشبهه أجاز ذلك، ومن منع التأجيل فلكونه عبادة.
الموضع الثاني: في النظر في التقرر. واتفق العلماء على أن الصداق يجب كله