اعتدت ثلاثة أشهر، ولها السكنى، وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: عدتها ثلاث حيض، وهو قول علي وابن مسعود، وقال قوم: عدتها نصف عدة الحرة المتوفى عنها زوجها، وقال قوم: عدتها عدة الحرة أربعة أشهر وعشرا، وحجة مالك أنها ليست زوجة فتعتد عدة الوفاة ولا مطلقة فتعتد ثلاث حيض، فلم يبق إلا استبراء رحمها، وذلك يكون بحيضة تشبيها بالأمة يموت عنها سيدها، وذلك ما لا خلاف فيه، وحجة أبي حنيفة أن العدة إنما وجبت عليها وهي حرة، وليست بزوجة فتعتد عدة الوفاة، ولا بأمة فتعتد عدة أمة، فوجب أن تستبرئ رحمها بعدة الأحرار. أما الذين أوجبوا لها عدة الوفاة فاحتجوا بحديث روي عن عمرو بن العاص قال: لا تلبسوا علينا سنة نبينا، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشرا، وضعف أحمد هذا الحديث ولم يأخذ به. وأما من أوجب عليها نصف عدة الحرة تشبيها بالزوجة الأمة. فسبب الخلاف: أنها مسكوت عنها، وهي مترددة الشبه بين الأمة والحرة، وأما من شبهها بالزوجة الأمة فضعيف، وأضعف منه من شبهها بعدة الحرة المطلقة، وهو مذهب أبي حنيفة.
الباب الثاني: في المتعة والجمهور على أن المتعة ليست واجبة في كل مطلقة، وقال قوم من أهل الظاهر:
هي واجبة في كل مطلقة، وقال قوم: هي مندوب إليها وليست واجبة، وبه قال مالك والذين قالوا بوجوبها في بعض المطلقات اختلفوا في ذلك، فقال أبو حنيفة: هي واجبة على كل من طلق قبل الدخول، ولم يفرض لها صداقا مسمى، وقال الشافعي: هي واجبة لكل مطلقة إذا كان الفراق من قبله إلا التي سمى لها وطلقت قبل الدخول، وعلى هذا جمهور العلماء. واحتج أبو حنيفة بقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها، فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا) * فاشترط المتعة مع عدم المسيس، وقال تعالى: * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) * فعلم أنه لا متعة لها مع التسمية والطلاق قبل المسيس، لأنه إذا لم يجب لها الصداق فأحرى أن لا تجب لها المتعة، وهذا لعمري مخيل، لأنه حيث لم يجب لها صداق أقيمت المتعة مقامه، وحيث ردت من يدها نصف الصداق لم يجب لها شئ. وأما الشافعي فيحمل الأوامر الواردة بالمتعة في قوله تعالى: * (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) * على العموم في كل مطلقة إلا التي سمي لها وطلقت قبل الدخول، وأما أهل الظاهر فحملوا الامر على