قبلها وبمثله وبأقل منه. وقال قائلون: ليس له أن يأخذ أكثر مما أعطاها على ظاهر حديث ثابت. فمن شبهه بسائر الأعواض في المعاملات رأى أن القدر فيه راجع إلى الرضا، ومن أخذ بظاهر الحديث لم يجز أكثر من ذلك. وكأنه رآه من باب أخذ المال بغير حق.
المسألة الثانية: وأما صفة العوض، فإن الشافعي وأبا حنيفة يشترطان فيه أن يكون معلوم الصفة ومعلوم الوجوب. ومالك يجيز فيه المجهول الوجود والقدر والمعدوم، مثل الآبق والشارد والثمرة التي لم يبد صلاحها والعبد غير الموصوف. وحكي عن أبي حنيفة جواز الغرر ومنع المعدوم. وسبب الخلاف: تردد العوض ههنا بين العوض في البيوع أو الأشياء الموهوبة والموصى بها. فمن شبهها بالبيوع اشترط فيه ما يشترط في البيوع وفي أعواض البيوع. ومن شبهه بالهبات لم يشترط ذلك. واختلفوا إذا وقع الخلع بما لا يحل كالخمر والخنزير هل يجب لها عوض أم لا بعد اتفاقهم على أن الطلاق يقع؟ فقال مالك:
لا يستحق عوضا. وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: يجب لها مهر المثل.
المسألة الثالثة: وأما ما يرجع إلى الحال التي يجوز فيها الخلع من التي لا يجوز فإن الجمهور على أن الخلع جائز مع التراضي إذا لم يكن سبب رضاها بما تعطيه إضراره بها.
والأصل في ذلك قوله تعالى: * (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * وقوله تعالى: * (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * وشذ أبو قلابة والحسن البصري فقالا: لا يحل للرجل الخلع عليها حتى يشاهدها تزني، وحملوا الفاحشة في الآية على الزنا، وقال داود: لا يجوز إلا بشرط الخوف أن لا يقيما حدود الله على ظاهر الآية، وشذ النعمان فقال: يجوز الخلع مع الاضرار، والفقه أن الفداء إنما جعل للمرأة في مقابلة ما بيد الرجل من الطلاق، فإنه لما جعل الطلاق بيد الرجل إذا فرك المرأة جعل الخلع بيد المرأة إذا فركت الرجل، فيتحصل في الخلع خمسة أقوال: قول إنه لا يجوز أصلا. وقول إنه يجوز على كل حال: أي مع الضرر.
وقول إنه لا يجوز إلا مع مشاهدة الزنا. وقول مع خوف أن لا يقيما حدود الله. وقول إنه يجوز في كل حال إلا مع الضرر، وهو المشهور.
المسألة الرابعة: وأما من يجوز له الخلع ممن لا يجوز فإنه لا خلاف عند الجمهور أن الرشيدة تخالع عن نفسها، وأن الأمة لا تخالع عن نفسها إلا برضا سيدها، وكذلك السفيهة مع وليها عند من يرى الحجر، وقال مالك: يخالع الأب على ابنته الصغيرة كما