رشده، وهو المشهور، وقيل عنه إنه محمول على الرشد حتى يتبين سفهه. فأما ذوو الأوصياء فلا يخرجون من الولاية في المشهور عن مالك إلا بإطلاق وصية له من الحجر: أي يقول فيه إنه رشيد إن كان مقدما من قبل الأب بلا خلاف أو بإذن القاضي مع الوصي إن كان مقدما من غير الأب على اختلاف في ذلك. وقد قيل في وصي الأب إنه لا يقبل قوله في أنه رشيد إلا حتى يعلم رشده وقد قيل إن حاله مع الوصي كحاله مع الأب يخرجه من الحجر إذا آنس منه الرشد وإن لم يخرجه وصيه بالاشهاد، وأن المجهول الحال في هذا حكمه حكم المجهول الحال ذي الأب. وأما ابن القاسم فمذهبه أن الولاية غير معتبر ثبوتها إذا علم الرشد، ولا سقوطها إذا علم السفه. وهي رواية عن مالك، وذلك من قوله في اليتيم لا في البكر، والفرق بين المذهبين أن من يعتبر الولاية يقول أفعاله كلها مردودة وإن ظهر رشده حتى يخرج من الولاية، وهو قول ضعيف، فإن المؤثر هو الرشد لا حكم الحاكم. وأما اختلافهم في الرشد ما هو؟ فإن مالكا يرى أن الرشد هو تثمير المال واصلاحه فقط، والشافعي يشترط مع هذا صلاح الدين. وسبب اختلافهم: هل ينطلق اسم الرشد على غير صالح الدين؟. وحال البكر مع الوصي كحال الذكر لا تخرج من الولاية إلا بالاخراج ما لم تعنس على اختلاف في ذلك. وقيل حالها مع الوصي كحالها مع الأب وهو قول بن الماجشون. ولم يختلف قولهم: وإنه لا يعتبر فيها الرشد كاختلافهم في اليتيم. وأما المهمل من الذكور فإن المشهور أن أفعاله جائزة إذا بلغ الحلم كان سفيها متصل السفه أو غير متصل السفه، معلنا به أو غير معلن. وأما ابن القاسم فيعتبر نفس فعله إذا وقع، فإن كان رشدا جاز وإلا رده. فأما اليتيمة التي لا أب لها ولا وصي فإن فيها في المذهب قولين: أحدهما: أن أفعالها جائزة إذا بلغت المحيض. والثاني: أفعالها مردودة ما لم تعنس وهو المشهور.
الباب الثالث: في معرفة أحكام أفعالهم في الرد والإجازة والنظر في هذا الباب في شيئين: أحدهما ما يجوز لصنف صنف من المحجورين من الأفعال، وإذ فعلوا فكيف حكم أفعالهم في الرد والإجازة؟، وكذلك أفعال المهملين الذين بلغوا الحلم من غير أب ولا وصي، وهؤلاء كما قلنا إما صغار وإما كبار متصلو الحجر من الصغر وإما مبتدأ حجرهم. فأما الصغار الذين لم يبلغوا الحلم من الرجال ولا المحيض من النساء فلا خلاف في المذهب في أنه لا يجوز له في ماله معروف من هبة ولا صدقة ولا عطية ولا عتق وإن أذن له الأب في ذلك أو الوصي، فإن أخرج من يده شيئا بغير عوض كان موقوفا على نظر وليه إن كان له ولي، فإن رآه رشدا أجازه وإلا أبطله، وإن لم يكن له ولي قدم له ولي ينظر في ذلك، وإن عمل في ذلك حتى يلي أمره كان النظر إليه في الإجازة أو الرد. واختلف إذا كان فعله سدادا ونظرا فيما كان يلزم الولي أن يفعله هل له أن ينقضه إذا آل الامر إلى خلاف بحوالة الأسواق أو نماء فيما باعه أو نقصان فيما ابتاعه؟، فالمشهور أن ذلك له، وقيل إن ذلك ليس له، ويلزم الصغير ما أفسد في ماله مما لم يؤتمن عليه. واختلف فيما أفسد وكسر مما اؤتمن عليه،