يده اليمنى، ثم الثانية فقطع رجله، ثم أتي به في الثالثة فقطع يده اليسرى، ثم أتي به في الرابعة فقطع رجله وروي هذا عن حديث جابر بن عبد الله، وفيه ثم أخذه الخامسة فقتله إلا أنه منكر عند أهل الحديث، ويرده قوله عليه الصلاة والسلام هن فواحش وفيهن عقوبة ولم يذكر قتلا. وحديث ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام قطع الرجل بعد اليد وعند مالك أنه يؤدب في الخامسة، فإذا ذهب محل القطع من غير سرقة بأن كانت اليد شلاء. فقيل في المذهب: ينتقل القطع إلى اليد اليسرى وقيل إلى الرجل. واختلف في موضع القطع من القدم. فقيل: يقع من المفصل الذي في أصل الساق، وقيل: يدخل الكعبان في القطع، وقيل: لا يدخلان، وقيل: إنها تقطع من المفصل الذي في وسط القدم.
واتفقوا على أن لصاحب السرقة أن يعفو عن السارق ما لم يرفع ذلك إلى الامام لما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) قال: تعافوا الحدود بينكم فما بلغني من حد فقد وجب وقوله عليه الصلاة والسلام: لو كانت فاطمة بنت محمد لأقمت عليها حد وقوله لصفوان: هلا كان ذلك قبل أن تأتيني به؟. واختلفوا في السارق يسرق ما يجب فيه القطع فيرفع إلى الامام وقد وهبه صاحب السرقة ما سرقه، أو يهبه له بعد الرفع وقبل القطع فقال مالك والشافعي: عليه الحد، لأنه قد رفع إلى الامام، وقال أبو حنيفة وطائفة:
لا حد عليه. فعمدة الجمهور: حديث مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية أنه قيل له: إن من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية إلى المدينة، فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاء سارق فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله (ص)، فأمر به رسول الله (ص) أن تقطع يده، فقال صفوان: لم أرد هذا يا رسول الله هو عليه صدقة، فقال رسول الله (ص): فهلا قبل أن تأتيني به.
القول فيما تثبت به السرقة واتفقوا على أن السرقة تثبت بشاهدين عدلين، وعلى أنها تثبت بإقرار الحر، واختلفوا في إقرار العبد، فقال جمهور فقهاء الأمصار: إقراره على نفسه موجب لحده، وليس يوجب عليه غرما، وقال زفر: لا يجب بإقرار العبد على نفسه بما يوجب قتله ولا قطع يده لكونه مالا لمولاه، وبه قال شريح والشافعي وقتادة وجماعة، وإن رجع عن الاقرار إلى شبهة قبل رجوعه، وإن رجع إلى غير شبهة فعن مالك في ذلك روايتان، هكذا حكى البغداديون عن المذهب، وللمتأخرين في ذلك تفصيل ليس يليق بهذا الغرض، وإنما هو لائق بتفريع المذهب.