الأنكحة الفاسدة بنفس المسيس، لقوله عليه الصلاة والسلام: أيما امرأة نكحت بغير إذن سيدها فنكاحها باطل ولها المهر بما استحل منها فكان موضع الخلاف تردد هذا الفسخ بين حكم الرد بالعيب في البيوع، وبين حكم الأنكحة المفسوخة: أعني بعد الدخول، واتفق الذين قالوا بفسخ نكاح العنين أنه لا يفسخ حتى يؤجل سنة يخلى بينه وبينها بغير عائق. واختلف أصحاب مالك في العلة التي من أجلها قصر الرد على هذه العيوب الأربعة، فقيل لان ذلك شرع غير معلل، وقيل لان ذلك مما يخفى، ومحمل سائر العيوب على أنها مما تخفى، وقيل لأنها يخاف سرايتها إلى الأبناء، وعلى هذا التعليل يرد بالسواد والقرع، وعلى الأول يرد بكل عيب إذا علم أنه مما خفي على الزوج.
الفصل الثاني: في خيار الاعسار بالصداق والنفقة واختلفوا في الاعسار بالصداق، فكان الشافعي يقول: تخير إذا لم يدخل بها، وبه قال مالك. واختلف أصحابه في قدر التلوم له، فقيل ليس له في ذلك حد، وقيل سنة، وقيل سنتين، وقال أبو حنيفة: هي غريم من الغرماء لا يفرق بينهما ويؤخذ بالنفقة، ولها أن تمنع نفسها حتى يعطيها المهر. وسبب اختلافهم: تغليب شبه النكاح في ذلك بالبيع أو تغليب الضرر اللاحق للمرأة في ذلك من عدم الوطئ تشبيها بالايلاء والعنة. وأما الاعسار بالنفقة فقال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وأبو عبيد وجماعة: يفرق بينهما، وهو مروي عن أبي هريرة وسعيد بن المسيب، وقال أبو حنيفة والثوري: لا يفرق بينهما، وبه قال أهل الظاهر. وسبب اختلافهم: تشبيه الضرر الواقع من ذلك بالضرر الواقع من العنة، لان الجمهور على القول بالتطليق على العنين حتى لقد قال ابن المنذر إنه إجماع. وربما قالوا النفقة في مقابلة الاستمتاع، بدليل أن الناشز لا نفقة لها عند الجمهور. فإذا لم يجد النفقة سقط الاستمتاع فوجب الخيار. وأما من لا يرى القياس فإنهم قالوا قد ثبتت العصمة بالاجماع فلا تنحل إلا بإجماع أو بدليل من كتاب الله أو سنة نبيه فسبب اختلافهم معارضة استصحاب الحال للقياس.
الفصل الثالث: في خيار الفقد واختلفوا في المفقود الذي تجهل حياته أو موته في أرض الاسلام، فقال مالك:
يضرب لامرأته أجل أربع سنين من يوم ترفع أمرها إلى الحاكم، فإذا انتهى الكشف عن حياته أو موته فجهل ذلك ضرب لها الحاكم الاجل، فإذا انتهى اعتدت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا وحلت، قال: وأما ماله فلا يورث حتى يأتي عليه من الزمان ما يعلم أن المفقود لا يعيش إلى مثله غالبا، فقيل سبعون وقيل ثمانون، وقيل تسعون، وقيل مائة فيمن غاب وهو دون هذه الأسنان، وروي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وهو مروي أيضا عن عثمان وبه قال الليث، وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري: لا تحل امرأة المفقود