الامساك بزمان طويل على ما يراه الشافعي وحكي عن عثمان البتي أن عليه الكفارة بعد الطلاق، وأنها إذا ماتت قبل إرادة العودة لم يكن له سبيل إلى ميراثها إلا بعد الكفارة.
وهذا شذوذ مخالف للنص. والله أعلم.
الفصل الثالث: فيمن يصح فيه الظهار واتفقوا على لزوم الظهار من الزوجة التي في العصمة، واختلفوا في الظهار من الأمة ومن التي في غير العصمة، وكذلك اختلفوا في ظهار المرأة من الرجل. فأما الظهار من الأمة فقال مالك والثوري وجماعة: الظهار منها لازم كالظهار من الزوجة الحرة، وكذلك المدبرة وأم الولد، وقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور: لا ظهار من أمة، وقال الأوزاعي: إن كان يطأ أمته فهو منها مظاهر، وإن لم يطأها فهي يمين وفيها كفارة يمين، وقال عطاء: هو مظاهر لكن عليه نصف كفارة. فدليل من أوقع ظهار الأمة عموم قوله تعالى: * (والذين يظاهرون من نسائهم) * والإماء من النساء. وحجة من لم يجعله ظهارا أنهم قد أجمعوا أن النساء في قوله تعالى: * (للذين يولون من نسائهم تربص أربعة أشهر) * هن ذوات الأزواج، فكذلك اسم النساء في آية الظهار. فسبب الخلاف: معارضة قياس الشبه للعموم: أعني تشبيه الظهار بالايلاء وعموم لفظ النساء، أعني أن عموم اللفظ يقتضي دخول الإماء في الظهار وتشبيهه بالايلاء يقتضي خروجهن من الظهار. وأما هل من شرط الظهار كون المظاهر منها في العصمة أم لا؟
فمذهب مالك أن ذلك ليس من شرطه، وأن من عين امرأة ما بعينها وظاهر منها بشرط التزويج كان مظاهرا منها، وكذلك إن لم يعين وقال: كل امرأة أتزوجها فهي مني كظهر أمي، وذلك بخلاف الطلاق وبقول مالك في الظهار قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي، وقال قائلون: لا يلزم الظهار إلا فيما يملك الرجل، وممن قال بهذا القول الشافعي وأبو ثور وداود، وفرق قوم فقالوا: إن أطلق لم يلزمه ظهار وهو أن يقول: كل امرأة أتزوجها فهي مني كظهر أمي، فإن قيد لزمه وهو أن يقول: إن تزوجت فلانة أو سمى قرية أو قبيلة، وقائل هذا القول هو ابن أبي ليلى والحسن بن حي. ودليل الفريق الأول قوله تعالى:
* (أوفوا بالعقود) * ولأنه عقد على شرط الملك فأشبه إذا ملك، والمؤمنون عند شروطهم، وهو قول عمر. وأما حجة الشافعي فحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي (ص) قال لا طلاق إلا فيما يملك ولا عتق إلا فيما يملك، ولا بيع إلا فيما يملك، ولا وفاء بنذر إلا فيما يملك خرجه أبو داود والترمذي. والظهار شبيه بالطلاق، وهو قول ابن عباس. وأما الذين فرقوا بين التعميم والتعيين، فإنهم رأوا أن التعميم في الظهار من باب الحرج، وقال الله تعالى: * (وما جعل عليكم في الدين من