شهداء إلا أنفسهم) الآية. وقال مالك والشافعي: يلاعن، لان الشهود لا تأثير لهم في دفع الفراش.
الفصل الثاني: في صفات المتلاعنين وأما صفة المتلاعنين، فإن قوما قالوا: يجوز اللعان بين كل زوجين حرين كانا أو عبدين، أو أحدهما حر والآخر عبد محدودين كانا أو عدلين أو أحدهما، مسلمين كانا أو كان الزوج مسلما والزوجة كتابية، ولا لعان بين كافرين إلا أن يترافعا إلينا، وممن قال بهذا القول مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا لعان إلا بين مسلمين حرين عدلين، وبالجملة فاللعان عندهم إنما يجوز لمن كان من أهل الشهادة. وحجة أصحاب القول الأول عموم قوله تعالى: * (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم) * ولم يشترط في ذلك شرطا. ومعتمد الحنفية أن اللعان شهادة، فيشترط فيها ما يشترط في الشهادة، إذ قد سماهم الله شهداء لقوله: * (فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله) * ويقولون إنه لا يكون لعان إلا بين من يجب عليه الحد في القذف الواقع بينهما. وقد اتفقوا على أن العبد لا يحد بقذفه، وكذلك الكافر، فشبهوا من يجب عليه اللعان بمن يجب في قذفه الحد، إذ كان اللعان إنما وضع لدرء الحد مع نفي النسب. وربما احتجوا بما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) قال لا لعان بين أربعة: العبدين، والكافرين والجمهور يرون أنه يمين وإن كان يسمى شهادة، فإن أحدا لا يشهد لنفسه، وأما أن الشهادة قد يعبر عنها باليمين فذلك بين في قوله تعالى: * (إذا جاءك المنافقون قالوا) * الآية، ثم قال:
* (اتخذوا أيمانهم جنة) *. وأجمعوا على جواز لعان الأعمى، واختلفوا في الأخرس، فقال مالك والشافعي يلاعن الأخرس إذا فهم عنه، وقال أبو حنيفة: لا يلاعن لأنه ليس من أهل الشهادة. وأجمعوا على أن من شرطه العقل والبلوغ.
الفصل الثالث: في صفة اللعان فأما صفة اللعان فمتقاربة عند جمهور العلماء، وليس بينهم في ذلك كبير خلاف، وذلك على ظاهر ما تقتضيه ألفاظ الآية، فيحلف الزوج أربع شهادات بالله لقد رأيتها تزني وأن ذلك الحمل ليس مني، ويقول في الخامسة: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم تشهد هي أربع شهادات بنقيض ما شهد هو به ثم تخمس بالغضب، هذا كله متفق عليه.
واختلف الناس هل يجوز أن يبدل مكان اللعنة الغضب، ومكان الغضب اللعنة، ومكان