أخذ ذلك القدر، مثل أن يدفع الشقص في موضحة وجبت عليه أو منقلة، فإنه يأخذه بدية الموضحة أو المنقلة.
وأما كم يأخذ؟ فإن الشفيع لا يخلو أن يكون واحدا أو أكثر، والمشفوع عليه أيضا لا يخلو أن يكون واحدا أو أكثر، فأما أن الشفيع واحد والمشفوع عليه واحد فلا خلاف في أن الواجب على الشفيع أن يأخذ الكل أو يدع، وأما إذا كان المشفوع عليه واحدا والشفعاء أكثر من واحد فإنهم اختلفوا من ذلك في موضعين:
أحدهما: في كيفية قسمة المشفوع فيه بينهم. والثاني: إذا اختلف أسباب شركتهم هل يحجب بعضهم بعضا عن الشفعة أم لا؟ مثل أن يكون بعضهم شركاء في المال الذي ورثوه لأنهم أهل سهم واحد، وبعضهم لأنهم عصبة.
فأما المسألة الأولى: وهي كيفية توزيع المشفوع فيه، فإن مالكا والشافعي وجمهور أهل المدينة يقولون: إن المشفوع فيه يقتسمونه بينهم على قدر حصصهم، فمن كان نصيبه من أصل المال الثلث مثلا أخذ من الشقص بثلث الثمن، ومن كان نصيبه الربع أخذ الربع. وقال الكوفيون: هي على عدد الرؤوس على السواء، وسواء فذلك الشريك ذو الحظ الأكبر وذو الحظ الأصغر. وعمدة المدنيين أن الشفعة حق يستفاد وجوبه بالملك المتقدم، فوجب أن يتوزع على مقدار الأصل، أصله الأكرية في المستأجرات المشتركة والربح في شركة الأموال، وأيضا فإن الشفعة إنما هي لإزالة الضرر، والضرر داخل على كل واحد منهم على غير استواء، لأنه إنما يدخل على كل واحد منهم بحسب حصته، فوجب أن يكون استحقاقهم لدفعه على تلك النسبة. وعمدة الحنفية أن وجوب الشفعة إنما يلزم بنفس الملك فيستوفي ذلك أهل الحظوظ المختلفة لاستوائهم في نفس الملك، وربما شبهوا ذلك بالشركاء في العبد يعتق بعضهم نصيبه أنه يقوم على المعتقين على السوية: أعني حظ من لم يعتق.
وأما المسألة الثانية: فإن الفقهاء اختلفوا في دخول الاشراك الذين هم عصبة في الشفعة مع الاشراك الذين شركتهم من قبل السهم الواحد فقال مالك: أهل السهم الواحد أحق بالشفعة إذا باع أحدهم من الاشراك معهم في المال من قبل التعصيب، وأنه لا يدخل ذو العصبة في الشفعة على أهل السهام المقدرة ويدخل ذوو السهام على ذوي التعصيب ، مثل أن يموت ميت فيترك عقارا ترثه عنه بنتان وابنا عم ثم تبيع البنت الواحدة حظها، فإن البنت الثانية عند مالك هي التي تشفع في ذلك الحظ الذي باعته أختها فقط دون ابني العم، وإن باع أحد ابني العم نصيبه يشفع فيه البنات وابن العم الثاني، وبهذا القول قال ابن القاسم. وقال أهل الكوفة: لا يدخل ذوو السهام على العصبات ولا العصبات على ذوي السهام، ويتشافع أهل السهم الواحد فيما بينهم خاصة، وبه قال أشهب. وقال الشافعي في أحد قوليه: يدخل ذوو السهام على العصبات والعصبات على ذوي السهام، وهو الذي