توجب حكما من التي لا توجبه وتقرر الشرط في ذلك، وهو أن يكون العيب حادثا قبل البيع أو في العهدة عند من يرى العهدة، فلنصر إلى ما بقي.
الفصل الثالث: في معرفة حكم العيب الموجب إذا كان المبيع لم يتغير وإذا وجدت العيوب، فإن لم يتغير المبيع بشئ من العيوب عند المشتري فلا يخلو أن يكون في عقار أو عروض أو في حيوان، فإن كان في حيوان فلا خلاف أن المشتري مخير بين أن يرد المبيع ويأخذ ثمنه أو يمسك ولا شئ له. وأما إن كان عقار فمالك يفرق في ذلك بين العيب اليسير والكثير فيقول: إن كان العيب يسيرا لم يجب الرد، ووجبت قيمة العيب وهو الأرش، وإن كان كثيرا وجب الرد. هذا هو الموجود المشهور في كتب أصحابه، ولم يفصل البغداديون هذا التفصيل. وأما العروض فالمشهور في المذهب أنها ليست في هذا الحكم بمنزلة الأصول، وقد قيل إنها بمنزلة الأصول في المذهب، وهذا الذي كان يختاره الفقيه بكر بن رزق شيخ جدي رحمة الله عليهما، وكان يقول: إنه لا فرق في هذا المعنى بين الأصول والعروض. وهذا الذي قاله يلزم من يفرق بين العيب الكثير والقليل في الأصول: أعني أن يفرق في ذلك أيضا في العروض، والأصل أن كل ما حط القيمة أنه يجب به الرد، وهو الذي عليه فقهاء الأمصار، ولذلك لم يعول البغداديون فيما أحسب على التفرقة التي قلت في الأصول، ولم يختلف قولهم في الحيوان أنه لا فرق فيه بين العيب القليل والكثير.
2 <فصل: وإذ قد قلنا إن المشتري يخير بين أن يرد المبيع ويأخذ ثمنه أو يمسك ولا شئ له، فإن اتفقا على أن يمسك المشتري سلعته ويعطيه البائع قيمة العيب، فعامة فقهاء الأمصار يجيزون ذلك. إلا ابن سريج من أصحاب الشافعي فإنه قال: ليس لهما ذلك لأنه خيار في مال، فلم يكن له إسقاطه بعوض كخيار الشفعة. قال القاضي عبد الوهاب: وهذا غلط، لان ذلك حق للمشتري فله أن يستوفيه: أعني أن يرد ويرجع بالثمن، وله أن يعارض على تركه، وما ذكره من خيار الشفعة فإنه شاهد لنا، فإن له عندنا تركه إلى عوض يأخذه، وهذا لا خلاف فيه. وفي هذا الباب فرعان مشهوران من قبل التبعيض: أحدهما:
هل إذا اشترى المشتري أنواعا من المبيعات في صفقة واحدة فوجد أحدهما معيبا، فهل يرجع بالجميع؟ أو بالذي وجد فيه العيب؟ فقال قوم: ليس له إلا أن يرد الجميع أو يمسك، وبه قال أبو ثور والأوزاعي، إلا أن يكون قد سمى ما لكل واحد من تلك الأنواع من القيمة، فإن هذا مما لا خلاف فيه أنه يرد المبيع بعينه فقط، وإنما الخلاف إذا لم يسم. وقال قوم: يرد المعيب بحصته من الثمن وذلك بالتقدير، وممن قال بهذا القول سفيان الثوري وغيره. وروي عن الشافعي القولان معا. وفرق مالك فقال: ينظر في