لأنه لا يرى القياس، وإما لأنه عارضه في ذلك قياس ثان أو قلد في ذلك غيره، فهذه حال ديات جراح الأحرار والجنابات على أعضائها الذكور منها والإناث. وأما جراح العبيد وقطع أعضائهم، فإن العلماء اختلفوا فيها على قولين: فمنهم من رأى أن في جراحهم وقطع أعضائهم ما نقص من ثمن العبد، ومنهم من رأى أن الواجب في ذلك من قيمته قدر ما في ذلك الجرح من ديته، فيكون في موضحته نصف عشر قيمته، وفي عينه مصف قيمته، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وهو قول عمر وعلي، وقال مالك: يعتبر في ذلك كله ما نقص من ثمنه إلا موضحته ومنقلته ومأمومته، ففيها من ثمنه قدره ما فيها في الحر من ديته. وعمدة الفريق الأول: تشبيهه بالعروض. وعمدة الفريق الثاني: تشبيهه بالحر إذ هو مسلم ومكلف. ولا خلاف بينهم أن دية الخطأ من هذه إذا جاوزت الثلث على العاقلة.
واختلف فيما دون ذلك، فقال مالك وفقهاء المدينة السبعة وجماعة: إن العاقلة لا تحمل من ذلك إلا الثلث فما زاد، وقال أبو حنيفة تحمل من ذلك العشر فما فوقه من الدية الكاملة، قال الثوري وابن شبرمة: الموضحة فما زاد على العاقلة، وقال الشافعي وعثمان البتي: تحمل العاقلة القليل والكثير من دية الخطأ. وعمدة الشافعي: هي أن الأصل هو أن العاقلة هي التي تحمل دية الخطأ فمن خصص من ذلك شيئا فعليه الدليل، ولا عمدة للفريق المتقدم إلا أن ذلك معمول بل ومشهور. وهنا انقضى هذا الكتاب والحمد لله حق حمده.