كتاب الحجر والنظر في هذا الكتاب في ثلاثة أبواب: الباب الأول: في أصناف المحجورين الثاني: متى يخرجون من الحجر، ومتى يحجر عليهم، وبأي شروط يخرجون. الثالث: في معرفة أحكام أفعالهم في الرد والإجازة.
الباب الأول: في أصناف المحجورين أجمع العلماء على وجوب الحجر على الأيتام الذين لم يبلغوا الحلم لقوله تعالى:
* (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح) * الآية. واختلفوا في الحجر على العقلاء الكبار إذا ظهر منهم تبذير لأموالهم، فذهب مالك والشافعي وأهل المدينة وكثير من أهل العراق إلى جواز ابتداء الحجر عليهم بحكم الحاكم، وذلك إذا ثبت عنده سفههم وأعذر إليهم فلم يكن عندهم مدفع، وهو رأي ابن عباس وابن الزبير. وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل العراق إلى أنه لا يبتدأ الحجر على الكبار، وهو قول إبراهيم وابن سيرين وهؤلاء انقسموا قسمين: فمنهم من قال: الحجر لا يجوز عليهم بعد البلوغ بحال وإن ظهر منهم التبذير.
ومنهم من قال: إن استصحبوا التبذير من الصغر يستمر الحجر عليهم وإن ظهر منهم رشد بعد البلوغ ثم ظهر منهم سفه، فهؤلاء لا يبدأ بالحجر عليهم. وأبو حنيفة يحد في ارتفاع الحجر وإن ظهر سفهه خمسة وعشرين عاما. وعمدة من أوجب على الكبار ابتداء الحجر أن الحجر على الصغار إنما وجب لمعنى التبذير الذي يوجد فيهم غالبا، فوجب أن يجب الحجر على من وجد فيه هذا المعنى وإن لم يكن صغيرا، قالوا: ولذلك اشترط في رفع الحجر عنهم مع ارتفاع الصغر إيناس الرشد، قال الله تعالى: * (فإن آنستم رشدا فادفعوا إليها أموالهم) * فدل هذا على أن السبب المقتضي للحجر هو السفه. وعمدة الحنفية حديث حبان بن منقذ إذ ذكر فيه لرسول الله (ص) أنه يخدع. فجعل له