ومنها حوائط ومنها أرض، فلا خلاف أنه لا يجمع في القسمة بالسهمة. ومن شرط قسمة الحوائط المثمرة أن لا تقسم مع الثمرة إذا بدأ صلاحها باتفاق في المذهب، لأنه يكون بيع الطعام بالطعام على رؤوس الثمر، وذلك مزابنة. وأما قسمتها قبل بدو الصلاح ففيه اختلاف بين أصحاب مالك: أما ابن القاسم فلا يجيز ذلك قبل الابار بحال من الأحوال، ويعتل لذلك لأنه يؤدي إلى بيع طعام بطعام متفاضلا، ولذلك زعم أنه لم يجز مالك شراء الثمر الذي لم يطب بالطعام لا نسيئه ولا نقدا، وأما إن كان بعد الابار، فإنه لا يجوز عنده إلا بشرط أن يشترط أحدهما على الآخر أن ما وقع من الثمر في نصيبه فهو داخل في القسمة، وما لم يدخل في نصيبه فهم فيه على الشركة. والعلة في ذلك عنده أنه يجوز اشتراط المشتري الثمر بعد الابار ولا يجوز قبل الابار، فكأن أحدهما اشترى حظ صاحبه من جميع الثمرات التي وقعت له في القسمة بحظه من الثمرات التي وقعت لشريكه واشترط الثمر. وصفة القسم بالقرعة: أن تقسم الفريضة وتحقق وتضرب إن كان في سهامهم كسر إلى أن تصح السهام، ثم يقوم كل موضع منها وكل نوع من غراساتها، ثم يعدل على أقل السهام بالقيمة، فربما عدل جزء من موضع ثلاثة أجزاء من موضع آخر على قيم الأرضين ومواضعها، فإذا قسمت على هذه الصفات وعدلت كتبت في بطائق أسماء الاشراك وأسماء الجهات، فمن خرج اسمه في جهة أخذ منها، وقيل يرمى بالأسماء في الجهات، فمن خرج اسمه في جهة أخذ منها، فإن كان أكثر من ذلك السهم ضوعف له حتى يتم حظه، فهذه هي حال قرعة السهم في الرقاب. والسهمة إنما جعلها الفقهاء في القسمة تطيبا لنفوس المتقاسمين، وهي موجودة في الشرع في مواضع: منها قوله تعالى: * (فساهم فكان من المدحضين) * وقوله: * (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) * ومن ذلك الأثر الثابت الذي جاء فيه أن رجلا أعتق ستة أعبد عند موته، فأسهم رسول الله (ص) بينهم، فأعتق ثلث ذلك الرقيق. وأما القسمة بالتراضي سواء أكانت بعد تعديل وتقويم، أو بغير تقويم وتعديل، فتجوز في الرقاب المتفقة والمختلفة لأنه بيع من البيوع، وإنما يحرم فيها ما يحرم في البيوع.
الفصل الثاني: في العروض وأما الحيوان والعروض، فاتفق الفقهاء على أنه لا يجوز قسمة واحد منهما للفساد الداخل في ذلك. واختلفوا إذا تشاح الشريكان في العين الواحدة منهما، ولم يتراضيا بالانتفاع بها على الشياع، وأراد أحدهما أن يبيع صاحبه معه، فقال مالك وأصحابه: يجبر على ذلك، فإن أراد أحدهما أن يأخذه بالقيمة التي أعطي فيها أخذه، وقال أهل الظاهر: لا