غير معلل؟ فإن قلنا غير معلل لزم الفسخ على الاطلاق، وإن قلنا العلة عدم الصداق صح بفرض صداق المثل مثل العقد على خمر أو على خنزير، وقد أجمعوا على أن النكاح المنعقد على الخمر والخنزير لا يفسخ إذا فات بالدخول. ويكون فيه مهر المثل، وكأن مالكا رضي الله عنه رأى أن الصداق وإن لم يكن من شرط صحة العقد ففساد العقد ههنا من قبل فساد الصداق مخصوص لتعلق النهي به، أو رأى أن النهي إنما يتعلق بنفس تعيين العقد، والنهي يدل على فساد المنهي.
أما نكاح المتعة، فإنه وإن تواترت الاخبار عن رسول الله (ص) بتحريمه إلا أنها اختلفت في الوقت الذي وقع فيه التحريم، ففي بعض الروايات أنه حرمها يوم خيبر، وفي بعضها يوم الفتح، وفي بعضها في غزوة تبوك، وفي بعضها في حجة الوداع، وفي بعضها في عمرة القضاء، وفي بعضها في عام أوطاس، وأكثر الصحابة وجميع فقهاء الأمصار على تحريمها، واشتهر عن ابن عباس تحليلها، وتبع ابن عباس على القول بها أصحابه من أهل مكة وأهل اليمن، ورووا أن ابن عباس كان يحتج لذلك لقوله تعالى: * (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم) * وفي حرف عنه: إلى أجل مسمى. وروي عنه أنه قال: ما كانت المتعة إلا رحمة من الله عز وجل رحم بها أمة محمد (ص)، ولولا نهي عمر عنها ما اضطر إلى الزنا إلا شقي. وهذا الذي روي عن ابن عباس رواه عنه ابن جريج وعمرو بن دينار. وعن عطاء قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: تمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر ونصفا من خلافة عمر ثم نهى عنها عمر الناس.
وأما اختلافهم في النكاح الذي تقع فيه الخطبة على خطبة غيره، فقد تقدم أن فيه ثلاثة أقوال: قول بالفسخ، وقول بعدم الفسخ. وفرق بين أن ترد الخطبة على خطبة الغير بعد الركون والقرب من التمام أو لا ترد وهو مذهب مالك.
وأما نكاح المحلل: أعني الذي يقصد بنكاحه تحليل المطلقة ثلاثا، فإن مالكا قال:
هو نكاح مفسوخ، وقال أبو حنيفة والشافعي: هو نكاح صحيح. وسبب اختلافهم: اختلافهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام لعن الله المحلل الحديث. فمن فهم من اللعن التأثيم فقط قال: النكاح صحيح، ومن فهم من التأثيم فساد العقد تشبيها بالنهي الذي يدل على فساد النهي عنه قال: النكاح فاسد. فهذه هي الأنكحة الفاسدة بالنهي. وأما الأنكحة الفاسدة بمفهوم الشرع فإنها تفيد إما بإسقاط شرط من شروط صحة النكاح. أو لتغيير حكم واجب بالشرع من أحكامه مما هو عن الله عز وجل، وإما بزيادة تعود إلى إبطال شرط من شروط