الأثر على آبار الصحارى التي تعمل في الأرض الموات، لا التي تكون في أرض متملكة.
الركن الثالث: وأما المشفوع عليه فإنهم اتفقوا على أنه من انتقل إليه الملك بشراء من شريك غير مقاسم أو من جار عند من يرى الشفعة للجار. واختلفوا فيمن انتقل إليه الملك بغير شراء، فالمشهور عند مالك أن الشفعة إنما يجب إذا كان انتقال الملك بعوض كالبيع والصلح والمهر وأرش الجنايات وغير ذلك، وبه قال الشافعي، وعنه رواية ثانية أنها تجب بكل ملك انتقل بعوض أو بغير عوض، كالهبة لغير الثواب والصدقة، ما عدا الميراث فإنه لا شفعة عند الجميع فيه اتفاق. وأما الحنفية فالشفعة عندهم في المبيع فقط، وعمدة الحنفية ظاهر الأحاديث وذلك أن مفهومها يقتضي أنها في المبيعات، بل ذلك نص فيها لا في بعضها فلا بيع حتى يستأذن شريكه. وأما المالكية فرأت أن كل ما انتقل بعوض فهو في معنى البيع، ووجه الرواية الثانية أنها اعتبرت الضرر فقط. وأما الهبة للثواب فلا شفعة فيها عند أبي حنيفة ولا الشافعي، أما أبو حنيفة فلان الشفعة عنده في المبيع، وأما الشافعي فلان هبة الثواب عنده باطلة، وأما مالك، فلا خلاف عنده وعند أصحابه في أن الشفعة فيها واجبة. واتفق العلماء على أن المبيع الذي بالخيار أنه إذا كان الخيار فيه للبائع أن الشفعة لا تجب حتى يجب البيع. واختلفوا إذا كان الخيار للمشتري؟
فقال الشافعي والكوفيون: الشفعة واجبة عليه لان البائع قد صرم الشقص عن ملكه وأبانه منه، وقيل إن الشفعة غير واجبة عليه لأنه غير ضامن وبه قال جماعة من أصحاب مالك.
واختلف في الشفعة في المساقاة، وهي تبديل أرض بأرض، فعن مالك في ذلك ثلاث روايات: الجواز، والمنع، والثالث أن تكون المناقلة بين الاشراك أو الأجانب فلم يرها في الاشراك ورآها في الأجانب.
الركن الرابع: في الاخذ بالشفعة والنظر في هذا الركن بماذا يأخذ الشفيع، وكم يأخذ، ومتى يأخذ، فإنهم اتفقوا على أنه يأخذ في البيع بالثمن إن كان حالا، واختلفوا إذا كان البيع إلى أجل هل يأخذه الشفيع بالثمن إلى ذلك الاجل، أو يأخذ المبيع بالثمن حالا وهو مخير؟ فقال مالك: يأخذه بذلك الاجل إذا كان مليا أو يأتي بضامن ملئ، وقال الشافعي: الشفيع مخير، فإن عجل تعجلت الشفعة وإلا تتأخر إلى وقت الاجل، وهو نحو قول الكوفيين، وقال الثوري لا يأخذها إلا بالنقد لأنها قد دخلت في ضمان الأول قال: ومنا من يقول تبقى في يد الذي باعها، فإن بلغ الاجل أخذها الشفيع.
والذين رأوا الشفعة في سائر المعاوضات مما ليس ببيع، فالمعلوم عنهم أنه يأخذ الشفعة بقيمة الشقص إن كان العوض مما ليس يتقدر، مثل أن يكون معطى في خلع. وأما أن يكون معطى في شئ يتقدر ولم يكن دنانير ولا دراهم ولا بالجملة مكيلا ولا موزونا، فإنه يأخذه بقيمة ذلك الشئ الذي دفع الشقص فيه، وإن كان ذلك الشئ محدود القدر بالشرع