اختاره المزني، وبه قال المغيرة من أصحاب مالك. وعمدة مذهب الشافعي عموم قضائه (ص) بالشفعة بين الشركاء، ولم يفصل ذوي السهم من عصبة. ومن خصص ذوي السهام من العصبات فلانه رأى الشركة مختلفة الأسباب: أعني بين ذوي السهام وبين العصبات فشبه الشركات المختلفة الأسباب بالشركات المختلفة من قبل محالها - الذي هو المال - بالقسمة بالأموال. ومن أدخل ذوي السهام على العصبة ولم يدخل العصبة على ذوي السهام فهو استحسان على غير قياس، ووجه الاستحسان أنه رأى أن ذوي السهام أقعد من العصبة. وأما إذا كان المشفوع عليهما اثنين فأكثر فأراد الشفيع أن يشفع على أحدهما دون الثاني، فقال ابن القاسم: إما أن يأخذ الكل أو يدع، وقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي: له أن يشفع على أيهما أحب، وبه قال أشهب، فأما إذا باع رجلان شقصا من رجل، فأراد الشفيع أن يشفع على أحدهما دون الثاني، فإن أبا حنيفة منع ذلك، وجوزه الشافعي. وأما إذا كان الشافعون أكثر من واحد، أعني الاشراك، فأراد بعضهم أن يشفع ويسلم له الباقي في البيوع، فالجمهور على أن للمشتري أن يقول للشريك إما أن تشفع في الجميع أو تترك، وأنه ليس له أن يشفع بحسب حظه إلا أن يوافقه المشتري على ذلك، وأنه ليس له أن يبعض الشفعة على المشتري إن لم يرض بتبعيضها. وقال أصبغ من أصحاب مالك: إن كان ترك بعضهم الاخذ بالشفعة رفقا بالمشتري لم يكن للشفيع إلا أن يأخذ حصته فقط. ولا خلاف في مذهب مالك أنه إذ كان بعض الشفعاء غائبا وبعضهم حاضرا، فأراد الحاضر أن يأخذ حصته فقط أنه ليس له ذلك، إلا أن يأخذ الكل أو يدع، فإذا قدم الغائب فإن شاء أخذ وإن شاء تر ك. واتفقوا على أن من شرط الاخذ بالشفعة أن تكون الشركة متقدمة على البيع. واختلفوا هل من شرطها أن تكون موجودة في حال البيع، وأن تكون ثابتة قبل البيع؟
فأما المسألة الأولى: وهي إذا لم يكن شريكا في حال البيع، وذلك يتصور بأن يكون يتراخى عن الاخذ بالشفعة بسبب من الأسباب التي لا يقطع له الاخذ بالشفعة حتى يبيع الحظ الذي كان به شريكا، فروى أشهب أن قول مالك اختلف في ذلك، فمرة قال: له الاخذ بالشفعة، ومرة قال: ليس له ذلك، واختار أشهب أنه لا شفعة له، وهو قياس قول الشافعي والكوفيين، لان المقصود بالشفعة إنما هو إزالة الضرر من جهة الشركة، وهذا ليس بشريك. وقال ابن القاسم: له الشفعة إذا كان قيامه في أثره، لأنه يرى أن الحق الذي وجب له لم يرتفع ببيعه حظه.
وأما المسألة الثانية: فصورتها أن يستحق انسان شقصا في أرض قد بيع منها قبل وقت الاستحقاق شقص ما، هل له أن يأخذ بالشفعة أم لا؟ فقال قوم: له ذلك، لأنه وجبت له الشفعة بتقدم شركته قبل البيع، ولا فرق في ذلك كانت يده عليه أو لم تكن،