المسلمات، والطائفة الثانية أنه ثم لم يجز نكاح الأمة المسلمة بالتزويج إلا بشرط فأحرى أن لا يجوز نكاح الأمة الكتابية بالتزويج)، وإنما اتفقوا على إحلالها بملك اليمين لعموم قوله تعالى: * (إلا ما ملكت أيمانكم) * ولاجماعهم على أن السبي يحل المسبية الغير متزوجة.
وإنما اختلفوا في المتزوجة هل يهدم السبي نكاحها، وإن هدم فمتى يهدم؟ فقال قوم: إن سبيا معا - أعني الزوج والزوجة - لم يفسخ نكاحهما وإن سبي أحدهما قبل الآخر انفسخ النكاح، وبه قال أبو حنيفة، وقال قوم: بل السبي يهدم سبيا معا أو سبي أحدهما قبل الآخر، وبه قال الشافعي، وعن مالك قولان: أحدهما: أن السبي لا يهدم النكاح أصلا.
والثاني: أنه يهدم بإطلاق مثل قول الشافعي. والسبب في اختلافهم: هل يهدم أو لا يهدم هو تردد المسترقين الذين أمنوا من القتل بين نساء الذميين أهل العهد وبين الكافرة التي لا زوج لها أو المستأجرة من كافر، وأما تفريق أبي حنيفة بين أن يسبيا معا وبين أن يسبى أحدهما فلان المؤثر عنده في الاحلال هو اختلاف الدار بهما لا الرق، والمؤثر في الاحلال عند غيره هو الرق، وإنما النظر هل هو الرق مع الزوجية أو مع عدم الزوجية؟ والأشبه أن لا يكون للزوجية ههنا حرمة لان محل الرق وهو الكفر سبب الاحلال: وأما تشبيهها بالذمية فبعيد لان الذمي إنما أعطى الجزية بشرط أن يقر على دينه فضلا عن نكاحه.
الفصل التاسع: في مانع الاحرام واختلفوا في نكاح المحرم فقال مالك والشافعي والليث والأوزاعي وأحمد: لا ينكح المحرم ولا ينكح، فإن فعل فالنكاح باطل، وهو قول عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر وزيد بن ثابت. وقال أبو حنيفة: لا بأس بذلك. وسبب اختلافهم: تعارض النقل في هذا الباب: فمنها حديث ابن عباس أن رسول الله (ص) نكح ميمونة وهو محرم وهو حديث ثابت النقل خرجه أهل الصحيح وعارضه أحاديث كثيرة عن ميمونة أن رسول الله (ص) تزوجها وهو حلال قال أبو عمر: رويت عنها من طرق شتى: من طريق أبي رافع، ومن طريق سليمان بن يسار وهو مولاها، وعن يزيد بن الأصم. وروى مالك أيضا من حديث عثمان بن عفان مع هذا أنه قال: قال رسول الله (ص) لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب فمن رجح هذه الأحاديث على حديث ابن عباس قال: لا ينكح المحرم ولا ينكح، ومن رجح حديث ابن عباس أو جمع بينه وبين حديث عثمان بن عفان بأن حمل النهي الوارد في ذلك على الكراهية قال: ينكح وينكح، وهذا راجع إلى تعارض الفعل والقول والوجه الجمع أو تغليب القول.