الأموال قائم العين بيده. الباب الخامس: بماذا تثبت هذه الجناية وأما بماذا يثبت هذا الحد فبالاقرار والشهادة، ومالك يقبل شهادة المسلوبين على الذين سلبوهم. وقال الشافعي: تجوز شهادة أهل الرفقة عليهم إذا لم يدعوا لأنفسهم ولا لرفقائهم ما لا أخذوه، وتثبت عند مالك الحرابة بشهادة السماع.
فصل: في حكم المحاربين على التأويل وأما حكم المحاربين على التأويل، فإن محاربهم الامام، فإذا قدر على واحد منهم لم يقتل إلا إذا كانت الحرب قائمة، فإن مالكا قال: إن للامام أن يقتله إن رأى ذلك لما يخاف من عونه لأصحابه على المسلمين. وأما إذا أسر بعد انقضاء الحرب، فإن حكمه حكم البدعي الذي لا يدعو إلى بدعته، فهو يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقيل: يستتاب فإن لم يتب يؤدب ولا يقتل، وأكثر أهل البدع إنما يكفرون بالمآل. واختلف قول مالك في التكفير بالمآل ومعنى التكفير بالمآل: أنهم لا يصرحون بقول هو كفر، ولكن يصرحون بأقوال يلزم عنها الكفر وهم لا يعتقدون ذلك اللزوم. وأما ما يلزم هؤلاء من الحقوق إذا ظفر بهم، فحكمهم إذا تابوا أن لا يقام عليهم حد الحرابة، ولا يؤخذ منهم ما أخذوا من المال إلا أن يوجد بيده فيرد إلى ربه. وإنما اختلفوا هل يقتل قصاصا بمن قتل؟ فقيل: يقتل وهو قول عطاء وأصبغ، وقال مطرف وابن الماجشون عن مالك: لا يقتل، وبه قال الجمهور، لان كل من قاتل على التأويل فليس بكافر بتة، أصله قتال الصحابة، وكذلك الكافر بالحقيقة هو المكذب لا المتأول.
باب: في حكم المرتد والمرتد إذا ظفر به قبل أن يحارب، فاتفقوا على أنه يقتل الرجل لقوله عليه الصلاة والسلام: من بدل دينه فاقتلوه واختلفوا في قتل المرأة وهل تستتاب قبل أن تقتل؟ فقال الجمهور: تقتل المرأة، وقال أبو حنيفة: لا تقتل وشبهها بالكافرة الأصلية. والجمهور اعتمدوا العموم الوارد في ذلك، وشذ قوم فقالوا: تقتل وإن راجعت الاسلام. وأما الاستتاب فإن مالكا شرط في قتله ذلك على ما رواه عن عمر. وقال قوم: لا تقبل توبته. وأما إذا حارب المرتد ثم ظهر عليه فإنه يقتل بالحرابة ولا يستتاب، كانت حرابته بدار الاسلام أو بعد أن لحق بدار الحرب، إلا أن يسلم. وأما إذا أسلم المرتد المحارب بعد أن أخذ أو قبل أن يؤخذ، فإنه يختلف في حكمه، فإن كانت حرابته في دار الحرب فهو عند مالك كالحربي يسلم لا تبعة في شئ مما فعل في حال ارتداده. وأما إن كانت حرابته في دار الاسلام، فإنه يسقط إسلامه عنه حكم الحرابة خاصة، وحكمه فيما جنى حكم المرتد إذا جنى في ردته في دار الاسلام ثم أسلم، وقد اختلف أصحاب مالك فيه فقال: حكمه حكم المرتد من اعتبر يوم الجناية، وقال: حكمه حكم المسلم من اعتبر يوم الحكم. وقد اختلف في هذا الباب في حكم الساحر، فقال مالك: يقتل كفرا، وقال قوم: لا يقتل، والأصل أن لا يقتل إلا مع الكفر.