بالعدد، وكذلك في اللحم أجازه مالك والشافعي، ومنعه أبو حنيفة، وكذلك السلم في الرؤوس والأكارع، أجازه مالك، ومنعه أبو حنيفة، واختلف في ذلك قول أبي حنيفة والشافعي، وكذلك السلم في الدر والفصوص، أجازه مالك، ومنعه الشافعي، وقصدنا من هذه المسائل إنما هو الأصول الضابطة للشريعة لا إحصاء للفروع، لان ذلك غير منحصر.
وأما شروطه: فمنها مجمع عليها ومنها مختلف فيها، فأما المجمع عليها فهي ستة:
منها أن يكون الثمن والمثمون مما يجوز فيه النساء، وامتناعه فيما لا يجوز فيه النساء، وذلك إما اتفاق المنافع على ما يراه مالك رحمه الله، وإما اتفاق الجنس على ما يراه أبو حنيفة، وإما اعتبار الطعم مع الجنس على ما يراه الشافعي في علة النساء. ومنها أن يكون مقدرا إما بالكيل أو بالوزن أو بالعدد إن كان مما شأنه أن يلحقه التقدير، أو منضبطا بالصفة إن كان مما المقصود منه الصفة. ومنها أن يكون موجودا عند حلول الأجل. ومنها أن يكون الثمن غير مؤجل أجلا بعيدا، لئلا يكون من باب الكالئ بالكالئ، هذا في الجملة. واشترطوا في اشتراط اليومين والثلاثة في تأخير نقد الثمن بعد اتفاقهم على أن لا يجوز في المدة الكثيرة ولا مطلقا، فأجاز مالك اشتراط تأخير اليومين والثلاثة، وأجاز تأخيره بلا شرط. وذهب أبو حنيفة إلى أن من شرطه التقابض في المجلس كالصرف فهذه ستة متفق عليها. واختلفوا في أربعة:
أحدها: الاجل. هل هو شرط فيه أم لا؟. والثاني: هل من شرطه أن يكون جنس المسلم فيه موجودا في حال عقد السلم أم لا؟ والثالث: اشتراط مكان دفع المسلم فيه. والرابع:
أن يكون الثمن مقدرا إما مكيلا وإما موزونا وإما معدودا فأما الاجل: فإن أبا حنيفة هو عنده شرط صحة بلا خلاف عنه وأن لا يكون جزافا في ذلك. وأما مالك فالظاهر من مذهبه والمشهور عنه، أنه من شرط السلم، وقد قيل إنه يتخرج من بعض الروايات عنه جواز السلم الحال. وأما اللخمي فإنه فصل الامر في ذلك فقال: إن السلم في المذهب يكون على ضربين: سلم حال، وهو الذي يكون من شأنه بيع تلك السلعة. وسلم مؤجل، وهو الذي يكون ممن ليس من شأنه بيع تلك السلعة. وعمدة من اشترط الاجل شيئان: ظاهر حديث ابن عباس. والثاني: أنه إذ لم يشترط فيه الاجل كان من باب بيع ما ليس عند البائع المنهي عنه. وعمدة الشافعي أنه إذا جاز الاجل فهو حالا أجوز لأنه أقل غررا.
وربما استدلت الشافعية بما روي أن النبي (ص) اشترى جملا من أعرابي بوسق تمر، فلما دخل البيت لم يجد التمر، فاستقرض النبي (ص) تمرا وأعطاه إياه قالوا: فهذا هو شراء حال بتمر في الذمة، والمالكية من طريق المعنى أن السلم إنما جوز لموضع الارتفاق، ولان المسلف يرغب في تقديم الثمن لاسترخاء المسلم فيه والمسلم إليه يرغب فيه لموضع النسيئة، وإذا لم يشترط الاجل زال هذا المعنى. واختلفوا في الاجل في موضعين:
أحدهما: هل يقدر بغير الأيام والشهور مثل الجذاذ والقطاف والحصاد والموسم؟. والثاني: