كتاب الوكالة وفيها ثلاث أبواب: الباب الأول: في أركانها، وهي النظر فيما فيه التوكيل، وفي الموكل. والثاني: في أحكام الوكالة. والثالث: في مخالفة الموكل للوكيل.
الباب الأول: في أركانها وهي النظر فيما فيه التوكيل، وفي الموكل، وفي الموكل الركن الأول: في الموكل. واتفقوا على وكالة الغائب والمريض والمرأة المالكين لأمور أنفسهم. واختلفوا في وكالة الحاضر الذكر الصحيح. فقال مالك: تجوز وكالة الحاضر الصحيح الذكر، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا تجوز وكالة الصحيح الحاضر ولا المرأة إلا أن تكون برزة. فمن رأى أن الأصل لا ينوب فعل الغير عن فعل الغير إلا ما دعت إليه الضرورة وانعقد الاجماع عليه قال: لا تجوز نيابة من اختلف في نيابته. ومن رأى أن الأصل هو الجواز قال: الوكالة في كل شئ جائزة إلا فيما أجمع على أنه لا تصح فيه من العبادات وما جرى مجراها.
الركن الثاني: في الوكيل. وشرط الوكيل أن لا يكون ممنوعا بالشرع من تصرفه في الشئ الذي وكل فيه، فلا يصح توكيل الصبي ولا المجنون ولا المرأة عند مالك والشافعي على عقد النكاح. أما عند الشافعي فلا بمباشرة ولا بواسطة: أي بأن توكل هي من يلي عقد النكاح. ويجوز عند مالك بالواسطة الذكر.
الركن الثالث: فيما فيه التوكيل. وشرط محل التوكيل أن يكون قابلا للنيابة مثل البيع والحوالة والضمان وسائر العقود والفسوخ والشركة والوكالة والمصارفة والمجاعلة والمساقاة والطلاق والنكاح والخلع والصلح ولا تجوز في العبادات البدنية وتجوز في المالية كالصدقة والزكاة والحج. وتجوز عند مالك في الخصومة على الاقرار والانكار، وقال الشافعي في أحد قوليه: لا تجوز على الاقرار، وشبه ذلك بالشهادة والايمان، وتجوز الوكالة على استيفاء العقوبات عند مالك، وعند الشافعي مع الحضور قولان.