ورجعي، وكانت أحكام الرجعة بعد الطلاق البائن غير أحكام الرجعة بعد الطلاق الرجعي وجب أن يكون في هذا الجنس بابان: الباب الأول: في أحكام الرجعة في الطلاق الرجعي.
الباب الثاني: في أحكام الارتجاع في الطلاق البائن.
الباب الأول: في أحكام الرجعة في الطلاق الرجعي وأجمع المسلمون على أن الزوج يملك رجعة الزوجة في الطلاق الرجعي ما دامت في العدة من غير اعتبار رضاه لقوله تعالى: * (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) * وأن من شرط هذا الطلاق تقدم المسيس له. واتفقوا على أنها تكون بالقول والاشهاد.
واختلفوا هل الاشهاد شرط في صحتها أم ليس بشرط؟ وكذلك اختلفوا هل تصح الرجعة بالوطئ؟ فأما الاشهاد فذهب مالك إلى أنه مستحب، وذهب الشافعي إلى أنه واجب. وسبب الخلاف: معارضة القياس للظاهر، وذلك أن ظاهر قوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * يقتضي الوجوب، وتشبيه هذا الحق بسائر الحقوق التي يقبضها الانسان يقتضي أن لا يجب الاشهاد. فكان الجمع بين القياس والآية حمل الآية على الندب. وأما اختلافهم فيما تكون به الرجعة، فإن قوما قالوا: لا تكون الرجعة إلا بالقول فقط، وبه قال الشافعي، وقوم قالوا: تكون رجعتها بالوطئ. وهؤلاء انقسموا قسمين:
فقال قوم: لا تصح الرجعة بالوطئ إلا إذا نوى بذلك الرجعة، لان الفعل عنده يتنزل منزلة القول مع النية، وهو قول مالك. وأما أبو حنيفة فأجاز الرجعة بالوطئ إذا نوى بذلك الرجعة ودون النية. فأما الشافعي فقاس الرجعة على النكاح وقال: قد أمر الله بالاشهاد، ولا يكون الاشهاد إلا على القول. وأما سبب الاختلاف بين مالك وأبي حنيفة فإن أبا حنيفة يرى أن الرجعية محللة الوطئ عنده قياسا على المولى منها وعلى المظاهرة ولان الملك لم ينفصل عنده، ولذلك كان التوارث بينهما، وعند مالك أن وطئ الرجعية حرام حتى يرتجعها، فلا بد عنده من النية، فهذا هو اختلافهم في شروط صحة الرجعة. واختلفوا في مقدار ما يجوز للزوج أن يطلع عليه من المطلقة الرجعية ما دامت في العدة، فقال مالك: لا يخلو معها ولا يدخل عليها إلا بإذنها ولا ينظر إلى شعرها، ولا بأس أن يأكل معها إذا كان معهما غيرهما. وحكى ابن القاسم أنه رجع عن إباحة الأكل معها، وقال أبو حنيفة: لا بأس أن تتزين الرجعية لزوجها وتتطيب له وتتشوف وتبدي البنان والكحل، وبه قال الثوري وأبو يوسف والأوزاعي، وكلهم قالوا: لا يدخل عليها إلا أن تعلم بدخوله بقول أو حركة من تنحنح أو خفق نعل واختلفوا في هذا