مال الجاني، وقال آخرون: هي على العاقلة، وممن قال بذلك الشافعي وأبو حنيفة والثوري وجماعة. وعمدتهم أنها جناية خطأ فوجبت على العاقلة. وما روي أيضا عن جابر بن عبد الله: أن النبي (ص) جعل في الجنين غرة على عاقلة الضارب وبدأ بزوجها وولدها. وأما مالك فشبهها بدية العمد إذا كان الضرب عمدا. وأما لمن تجب؟ فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: هي لورثة الجنين، وحكمها حكم الدية في أنها موروثة، وقال ربيعة والليث: هي للأم خاصة، وذلك أنهم شبهوا جنينها بعضو من أعضائها، ومن الواجب الذي اختلفوا فيه في الجنين مع وجوب الغرة وجوب الكفارة، فذهب الشافعي إلى أن فيه الكفارة واجبة، وذهب أبو حنيفة إلى أنه ليس فيه كفارة، واستحسنها مالك ولم يوجبها فأما الشافعي فإنه أوجبها لان الكفارة عنده واجبة في العمد والخطأ، وأما أبو حنيفة فإن غلب عليه حكم العمد، والكفارة لا تجب عنده في العمد. وأما مالك فلما كانت الكفارة لا تجب عنده في العمد وتجب في الخطأ، وكان هذا مترددا عنده بين العمد والخطأ استحسن فيه الكفارة ولم يوجبها. ومن أنواع الخطأ المختلف فيه، اختلافهم في تضمين الراكب والسائق والقائد، فقال الجمهور: هم ضامنون لما أصابت الدابة، واحتجوا في ذلك بقضاء عمر على الذي أجرى فرسه فوطئ آخر بالعقل. وقال أهو الظاهر:
لا ضمان على أحد في جرح العجماء، واعتمدوا الأثر الثابت فيه عنه (ص من حديث أبي هريرة أنه قال عليه الصلاة والسلام: جرح العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس فحمل الجمهور الحديث على أنه إذا لم يكن للدابة راكب ولا سائق ولا قائد، لأنهم رأوا أنه إذا أصابت الدابة أحدا وعليها راكب أو لها قائد أو سائق، فإن الراكب لها أو السائق أو القائد هو المصيب ولكن خطأ. واختلف الجمهور فيما أصابت الدابة برجلها، فقال مالك: لا شئ فيه إن لم يفعل صاحب الدابة بالدابة شيئا يبعثها به على أن ترمح برجلها، وقال الشافعي: يضمن الراكب ما أصابت بيدها أو برجلها، وبه قال ابن شبرمة وابن أبي ليلى، وسويا بين الضمان برجلها أو بغير رجلها، وبه قال أبو حنيفة، إلا أنه استثنى الرمحة بالرجل أو بالذنب، وربما احتج من لم يضمن رجل الدابة بما روي عنه (ص) الرجل جبار ولم يصح هذا الحديث عند الشافعي، ورده. وأقاويل العلماء فيمن حفر بئرا فوقع فيه انسان متقاربة، وقال مالك: إن حفر في موضع جرت العادة الحفر في مثله لم يضمن وإن تعدى في الحفر ضمن، وقال الليث: إن حفر في أرض يملكها لم يضمن وإن حفر فيما لا يملك ضمن، فمن ضمن عنده فهو من نوع الخطأ. وكذلك اختلفوا في الدابة الموقوفة، فقال بعضهم: إن أوقفها بحيث يجب له أن يوقفها لم يضمن، وإن لم يفعل ضمن، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يضمن على كل حال، وليس يبرئه أن يربطها بموضع يجوز له أن يربطها فيه، كما لا يبرئه ركوبها من ضمان ما أصابته وإن