اختلافهم في مفهوم قوله تعالى: * (والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، وحرم ذلك على المؤمنين) * هل خرج مخرج الذم أو مخرج التحريم؟ وهو الإشارة في قوله: * (وحرم ذلك على المؤمنين) * إلى الزنا أو إلى النكاح؟ وإنما صار الجمهور لحمل الآية على الذم لا على التحريم لما جاء في الحديث أن رجلا قال للنبي (ص) في زوجته أنها لا ترد يد لامس. فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: طلقها، فقال له إني أحبها. فقال له:
فأمسكها وقال قوم أيضا: إن الزنا يفسخ النكاح بناء على هذا الأصل. وبه قال الحسن: وأما زواج الملاعنة من زوجها الملاعن فسنذكرها في كتاب اللعان.
الفصل الخامس: في مانع العدد واتفق المسلمون على جواز نكاح أربعة من النساء معا، وذلك للأحرار من الرجال. واختلفوا في موضعين: في العبيد، وفيما فوق الأربع. أما العبيد فقال مالك في المشهور عنه: يجوز أن ينكح أربعا. وبه قال أهل الظاهر. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يجوز له الجمع إلا بين اثنتين فقط. وسبب اختلافهم: هل العبودية لها تأثير في اسقاط هذا العدد كما لها تأثير في اسقاط نصف الحد الواجب على الحر في الزنا؟ وكذلك الطلاق عند من رأى ذلك. وذاك أن المسلمين اتفقوا على تنصيف حده في الزنا: أعني أن حده نصف حد الحر، واختلفوا في غير ذلك. وأما ما فوق الأربع فإن الجمهور على أنه لا تجوز الخامسة لقوله تعالى: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) * ولما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لغيلان لما أسلم وتحته عشرة نسوة أمسك أربعا وفارق سائرهن وقالت فرقة: يجوز تسع، ويشبه أن يكون من أجاز التسع ذهب مذهب الجمع في الآية المذكورة، أعني جمع الاعداد في قوله تعالى: * (مثنى وثلاث ورباع) *.
الفصل السادس: في مانع الجمع واتفقوا على أنه لا يجمع بين الأختين بعقد نكاح لقوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الأختين) * واختلفوا في الجمع بينهما بملك اليمين، والفقهاء على منعه، وذهبت طائفة إلى إباحة ذلك. وسبب اختلافهم: معارضة عموم قوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الأختين) * لعموم الاستثناء في آخر الآية، وهو قوله تعالى * (إلا ما ملكت أيمانكم) * وذلك أن هذا الاستثناء يحتمل أن يعود لأقرب مذكور، ويحتمل أن يعود لجميع ما تضمنته الآية من التحريم إلا ما وقع الاجماع على أنه لا تأثير له فيه، فيخرج