شاتكم وديناركم، فقال اللهم بارك له في صفقة يمينه ووجه الاستدلال منه أن النبي (ص) لم يأمره في الشاة الثانية لا بالشراء ولا بالبيع، فصار ذلك حجة على أبي حنيفة في صحة الشراء للغير، وعلى الشافعي في الامرين جميعا. وعمدة الشافعي النهي الوارد عن بيع الرجل ما ليس عنده، والمالكية تحمله على بيعه لنفسه لا لغيره، قالوا: والدليل على ذلك أن النهي إنما ورد في حكيم بن حزام وقضيته مشهورة، وذلك أنه كان يبيع لنفسه ما ليس عنده. وسبب الخلاف: المسألة المشهورة، هل إذا ورد النهي على سبب حمل على سببه أو يعم؟ فهذه هي أصول هذا القسم، وبالجملة فالنظر في هذا القسم هو منطوق بالقوة في الجزء الأول، ولكن النظر الصناعي الفقهي يقتضي أن يفرد بالتكلم فيه. وإذ قد تكلمنا في هذا الجزء بحسب غرضنا فلنصر إلى القسم الثالث، وهو القول في الاحكام العامة للبيوع الصحيحة.
القسم الثالث: في الاحكام العامة للبيوع الصحيحة. وهذا القسم تنحصر أصوله التي لها تعلق قريب بالمسموع في أربع جمل: الجملة الأولى: في أحكام وجود العيب في المبيعات. والجملة الثانية: في الضمان في المبيعات متى ينتقل من ملك البائع إلى ملك المشتري. والثالثة: في معرفة الأشياء التي تتبع المبيع مما هي موجودة فيه في حين البيع من التي لا تتبعه. والرابعة: في اختلاف المتبايعين، وإن كان الأليق به كتاب الأقضية. وكذلك أيضا من أبواب أحكام البيوع: الاستحقاق، وكذلك الشفعة هي أيضا من الاحكام الطارئة عليه، لكن جرت العادة أن يفرد لها كتاب.
الجملة الأولى وهذه الجملة فيها بابان: الباب الأول: في أحكام وجود العيوب في البيع المطلق. والباب الثاني: في أحكامهما في البيع بشرط البراءة.
الباب الأول: في أحكام العيوب في البيع المطلق والأصل في وجود الرد بالعيب قوله تعالى: * (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) *. وحديث المصراة المشهور. ولما كان القائم بالعيب لا يخلو أن يقوم في عقد يوجب الرد، أو يقوم في عقد لا يوجب ذلك، ثم إذا قام في عقد يوجب الرد، فلا يخلو أيضا أن يقوم بعيب يوجب حكما أو لا يوجبه، ثم إن قام بعيب يوجب حكما فلا يخلو المبيع أيضا أن يكون قد حدث فيه تغير بعد البيع أو لا يكون، فإن كان لم يحدث فما حكمه؟ وإن كان حدث فيه فكم أصناف التغييرات وما حكمها؟ كانت الفصول المحيطة بأصول هذا الباب خمسة: الفصل الأول: في معرفة العقود التي يجب فيها بوجود العيب