كالمشورة. وقيل بالفرق بين البائع والمشتري: أي أن القول في الامضاء والرد قول البائع دون الأجنبي، وقول الأجنبي دون المشتري إن كان المشتري هو المشترط الخيار، وقيل القول قول من أراد منهما الامضاء، وإن أراد البائع الامضاء، وأراد الأجنبي الذي اشترط خياره الرد ووافقه المشتري، فالقول قول البائع في الامضاء، وإن أراد البائع الرد وأراد الأجنبي الامضاء ووافقه المشتري فالقول قول المشتري، وكذلك إن اشترط الخيار للأجنبي المشتري، فالقول فيهما قول من أراد الامضاء. وكذلك الحال في المشتري، وقيل بالفرق في هذا بين البائع والمشتري: أي إن اشترطه البائع فالقول قول من أراد الامضاء منهما، وإن اشترطه المشتري فالقول قول الأجنبي، وهو ظاهر ما في المدونة، وهذا كله ضعيف.
واختلفوا فيمن اشترط من الخيار ما لا يجوز، مثل أن يشترط أجلا مجهولا وخيارا فوق الثلاث عند من لا يجوز الخيار فوق الثلاث أو خيار رجل بعيد الموضع بعينه: أعني أجنبيا، فقال مالك والشافعي: لا يصح البيع وإن أسقط الشرط الفاسد. وقال أبو حنيفة:
يصح البيع مع اسقاط الشرط الفاسد. فأصل الخلاف: هل الفساد الواقع في البيع من قبل الشرط يتعدى إلى العقد أم لا يتعدى، وإنما هو في الشرط فقط؟ فمن قال يتعدى أبطل البيع وإن أسقطه، ومن قال لا يتعدى قال: البيع يصح إذا أسقط الشرط الفاسد لأنه يبقى العقد صحيحا.
كتاب بيع المرابحة أجمع جمهور العلماء على أن البيع صنفان: مساومة ومرابحة، وأن المرابحة هي أن يذكر البائع للمشتري الثمن الذي اشترى به السلعة ويشترط عليه ربحا ما للدينار أو الدرهم. واختلفوا من ذلك بالجملة في موضعين: أحدهما: فيما للبائع أن يعده من رأس مال السلعة مما أنفق على السلعة بعد الشراء مما ليس له أن يعده من رأس المال. والموضع الثاني: إذا كذب البائع للمشتري فأخبره أنه اشتراه بأكثر مما اشترى السلعة به. أو وهم فأخبر بأقل مما اشترى به السلعة ثم ظهر له أنه اشتراها بأكثر، ففي هذا الكتاب بحسب اختلاف فقهاء الأمصار بابان: الباب الأول: فيما يعد من رأس المال مما لا يعد، وفي صفة رأس المال الذي يجوز أن يبنى عليه الربح. الثاني: في حكم ما وقع من الزيادة أو النقصان في خبر البائع بالثمن.
الباب الأول:
فيما يعد من رأس المال مما لا يعد، وفي صفة رأس المال الذي يجوز أن يبنى عليه الربح فأما ما يعد في الثمن مما لا يعد. فإن تحصيل مذهب مالك في ذلك أن ما ينوب البائع على السلعة زائدا على الثمن ينقسم ثلاثة أقسام: قسم يعد في أصل الثمن ويكون له