مالك. والرابع: أنه يرد إلى قراض مثله في كل منفعة اشترطها أحد المتقارضين على صاحبه في المال مما ليس ينفرد أحدهما بها عن صاحبه، وإلى إجارة مثله في كل منفعة اشترطها أحد المتقارضين خالصة لمشترطها مما ليست في المال وفي كل قراض فاسد من قبل الغرر والجهل، وهو قول مطرف وابن نافع وابن عبد الحكم وأصبغ، واختاره ابن حبيب. وأما ابن القاسم فاختلف قوله في القراضات الفاسدة، فبعضها وهو الأكثر قال: إن فيها أجرة المثل، وفي بعضها قال: فيها قراض المثل. فاختلف الناس في تأويل قوله، فمنهم من حمل اختلاف قوله فيها على الفرق الذي ذهب إليه ابن عبد الحكم ومطرف، وهو اختيار ابن حبيب واختيار جدي - رحمة الله عليه. ومنهم من لم يعلل قوله وقال: إن مذهبه أن كل قراض فاسد ففيه أجرة المثل إلا تلك التي نص فيها قراض المثل وهي سبعة: القراض بالعروض، والقراض بالضمان، والقراض إلى أجل، والقراض المبهم، وإذا قال له اعمل على أن لك في المال شركاء، وإذا اختلف المتقارضان وأتيا بما لا يشبه فحلفا على دعواهما، وإذا دفع إليه المال على أن لا يشتري به إلا بالدين فاشترى بالنقد، أو على أن لا يشتري إلا سلعة كذا وكذا والسلعة غير موجودة فاشترى غير ما أمر به. وهذه المسائل يجب أن ترد إلى علة واحدة، وإلا فهو اختلاف من قول ابن القاسم، وحكى عبد الوهاب عن ابن القاسم أنه فصل فقال: إن كان الفساد من جهة العقد رد إلى قراض المثل، وإن كان من جهة زيادة ازدادها أحدهما على الآخر رد إلى أجرة المثل، والأشبه أن يكون الامر في هذا بالعكس. والفرق بين الأجرة وقراض المثل أن الأجرة تتعلق بذمة رب المال سواء أكان في المال ربح أو لم يكن، وقراض المثل هو على سنة القراض إن كان فيه ربح كان للعامل منه، وإلا فلا شئ له.
القول في اختلاف المتقارضين واختلف الفقهاء إذا اختلف العامل ورب المال في تسمية الجزء الذي تقارضا عليه، فقال مالك: القول قول العامل لأنه عنده مؤتمن، وكذلك الامر عنده في جميع دعاويه إذا أتى بما يشبه، وقال الليث: يحمل على قراض مثله، وبه قال مالك إذا أتى بما لا يشبه، وقال أبو حنيفة وأصحابه: القول قول رب المال، وبه قال الثوري، وقال الشافعي:
يتحالفان ويتفاسخان، ويكون له أجرة مثله. وسبب اختلاف مالك وأبي حنيفة: اختلافهم في سبب ورود النص بوجوب اليمين على المدعى عليه، هل ذلك لأنه مدعى عليه، أو لأنه في الأغلب أقوى شبهة؟ فمن قال لأنه مدعى عليه قال: القول قول رب المال، ومن قال لأنه أقواهما شبهة في الأغلب قال: القول قول العامل لأنه عنده مؤتمن وأما الشافعي فقاس اختلافهما على اختلاف المتبايعين في ثمن السلعة. وهذا كاف في هذا الباب.