وأصحابهما قالوا: يورث. وأنه إذا مات صاحب الخيار فلورثته من الخيار مثل ما كان له، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يبطل الخيار بموت من له الخيار ويتم البيع، وهكذا عنده خيار الشفعة وخيار قبول الوصية وخيار الإقالة. وسلم لهم أبو حنيفة خيار الرد بالعيب: أعني أنه قال يورث، وكذلك خيار استحقاق الغنيمة قبل القسم وخيار القصاص وخيار الرهن.
وسلم لهم مالك خيار رد الأب ما وهبه لابنه، أعني أنه لم ير لورثة الميت من الخيار في رد الأب ما وهبه لابنه ما جعل له الشرع من ذلك: أعني للأب، وكذلك خيار الكتابة والطلاق واللعان. ومعنى خيار الطلاق أن يقول الرجل لرجل آخر طلق امرأتي متى شئت، فيموت الرجل المجعول له الخيار، فإن ورثته لا يتنزلون منزلته عند مالك. وسلم الشافعي ما سلمت المالكية للحنفية من هذه الخيارات، وسلم زائدا خيار الإقالة والقبول فقال: لا يورثان. وعمدة المالكية والشافعية أن الأصل هو أن تورث الحقوق والأموال إلا ما قام دليل على مفارقة الحق في هذا المعنى للمال. وعمدة الحنفية أن الأصل هو أن يورث المال دون الحقوق إلا ما قام دليله من إلحاق الحقوق بالأموال. فموضع الخلاف: هل الأصل هو أن تورث الحقوق كالأموال أم لا؟ وكل واحد من الفريقين يشبه من هذا ما لم يسلمه له خصمه منها بما يسلمه منها له ويحتج على خصمه فالمالكية والشافعية تحتج على أبي حنيفة بتسليمه وراثة خيار الرد بالعيب، ويشبه سائر الخيارات التي يورثها به، والحنفية تحتج أيضا على المالكية والشافعية بما تمنع من ذلك وكل واحد منهم يروم أن يعطي فارقا فيما يختلف فيه قوله ومشابها فيما يتفق فيه قوله، ويروم في قول خصمه بالضد، أعني أن يعطي فارقا فيما يضعه الخصم متفقا، ويعطي اتفاقا فيما يضعه الخصم متباينا، مثل ما تقول المالكية: إنما قلنا إن خيار الأب في رد هبته لا يورث، لان ذلك خيار راجع إلى صفة في الأب لا توجد في غيره وهي الأبوة، فوجب أن لا تورث لا إلى صفة في العقد. وهذا هو سبب اختلافهم في خيار خيار. أعني أنه من انقدح له في شئ منها أنه صفة للعقد ورثه. ومن انقدح له أنه صفة خاصة بذي الخيار لم يورثه.
وأما المسألة السادسة: وهي من يصح خياره فإنهم اتفقوا على صحة خيار المتبايعين. واختلفوا في اشتراط خيار الأجنبي. فقال مالك: يجوز ذلك والبيع صحيح.
وقال الشافعي في أحد قوليه: لا يجوز إلا أن يوكله الذي جعل له الخيار ولا يجوز الخيار عنده على هذا القول لغير العاقد. وهو قول أحمد. وللشافعي قول آخر مثل مالك.
وبقول مالك قال أبو حنيفة واتفق المذهب على أن الخيار للأجنبي إذا جعله له المتبايعان وأن قوله لهما. واختلف المذهب إذا جعله أحدهما فاختلف البائع ومن جعل له البائع الخيار أو المشتري، ومن جعل له المشتري الخيار، فقيل القول في الامضاء، والرد قول الأجنبي سواء اشترط خياره البائع أو المشتري، وقال عكس هذا القول من جعل خياره هنا