والسلام. واختلفوا هل يدل ذلك على فساد النهي عنه أو لا يدل، وإن كان يدل ففي أي حالة يدل؟ فقال داود يفسخ، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يفسخ، وعن مالك القولان جميعا، وثالث وهو أن يفسخ قبل الدخول ولا يفسخ بعده، وقال ابن القاسم: إنما معنى النهي إذا خطب رجل صالح على خطبة رجل صالح، وأما إن كان الأول غير صالح والثاني صالح جاز. وأما الوقت عند الأكثر فهو إذا ركن بعضهم إلى بعض لا في أول الخطبة، بدليل حديث فاطمة بنت قيس، جاءت إلى النبي (ص) فذكرت له أن أبا جهم بن حذيفة ومعاوية بن أبي سفيان خطباها، فقال: أما أبو جهم فرجل لا يرفع عصاه عن النساء، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، ولكن انكحي أسامة. وأما النظر إلى المرأة عند الخطبة، فأجاز ذلك مالك إلى الوجه والكفين فقط، وأجاز ذلك غيره إلى جميع البدن عدا السوأتين. ومنع ذلك قوم على الاطلاق، وأجاز أبو حنيفة النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين.
والسبب في اختلافهم: أنه ورد الامر بالنظر إليهن مطلقا، وورد بالمنع مطلقا، وورد مقيدا:
أعني بالوجه والكفين على ما قاله كثير من العلماء في قوله تعالى: * (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) * أنه الوجه والكفان، وقياسا على جواز كشفهما في الحج عند الأكثر، ومن منع تمسك بالأصل وهو تحريم النظر إلى النساء.
الباب الثاني: في موجبات صحة النكاح وهذا الباب ينقسم إلى ثلاثة أركان: الركن الأول: في معرفة كيفية هذا العقد. الركن الثاني: في معرفة محل هذا العقد. الثالث: في معرفة شروط هذا العقد.
الركن الأول: في الكيفية. والنظر في هذا الركن في مواضع: في كيفية الاذن المنعقد به، ومن المعتبر رضاه في لزوم هذا العقد، وهل يجوز عقده على الخيار أم لا يجوز؟ وهل إن تراخى القبول من أحد المتعاقدين لزم ذلك العقد، أم من شرط ذلك الفور؟
الموضع الأول: الاذن في النكاح على ضربين: فهو واقع في حق الرجال والثيب من النساء بالألفاظ. وهو في حق الابكار المستأذنات واقع بالسكوت: أعني الرضا. وأما الرد فباللفظ ولا خلاف في هذه الجملة إلا ما حكي عن أصحاب الشافعي أن إذن البكر إذا كان المنكح غير أب ولا جد بالنطق، وإنما صار الجمهور إلى أن إذنها بالصمت للثابت من قوله عليه الصلاة والسلام الأيم أحق بنفسها من وليها. والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها واتفقوا على أن انعقاد النكاح بلفظ النكاح ممن إذنه اللفظ وكذلك بلفظ التزويج. واختلفوا في انعقاده بلفظ الهبة أو بلفظ البيع أو بلفظ الصدقة، فأجازه قوم، وبه قال مالك وأبو حنيفة.
وقال الشافعي: لا ينعقد إلا بلفظ النكاح أو التزويج. وسبب اختلافهم: هل هو عقد يعتبر فيه