العفة. والزواج عند مالك عيب، وهو من العيوب العائقة عن الاستعمال، وكذلك الدين، وذلك أن العيب بالجملة هو ما عاق فعل النفس أو فعل الجسم وهذا العائق قد يكون في الشئ وقد يكون من خارج. وقال الشافعي ليس الدين ولا الزواج بعيب فيما أحسب والحمل في الرائعة عيب عند مالك وفي كونه عيبا في الوخش خلاف في المذهب.
والتصرية عند مالك والشافعي عيب وهو حقن اللبن في الثدي أياما حتى يوهم ذلك أن الحيوان ذو لبن غزير، وحجتهم حديث المصراة المشهور، وهو قوله (ص) لا تصروا الإبل والبقر، فمن فعل ذلك فهو بخير النظرين إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر قالوا: فأثبت له الخيار بالرد مع التصرية، وذلك دال على كونه عيبا مؤثرا. قالوا: وأيضا فإنه مدلس، فأشبه التدليس بسائر العيوب، وقال أبو حنيفة وأصحابه ليست التصرية عيبا للاتفاق على أن الانسان إذا اشترى شاة فخرج لبنها قليلا أن ذلك ليس بعيب. قالوا:
وحديث المصراة يجب أن لا يوجب عملا لمفارقته الأصول، وذلك أنه مفارق للأصول من وجوه، فمنها أنه معارض لقوله عليه الصلاة والسلام الخراج بالضمان وهو أصل متفق عليه، ومنها أن فيه معارضة منع بيع طعام بطعام نسيئة، وذلك لا يجوز باتفاق، ومنها أن الأصل في المتلفات إما القيم وإما المثل، وإعطاء صاع من تمر في لبن ليس قيمة ولا مثلا. ومنها بيع الطعام المجهول: أي الجزاف بالمكيل المعلوم، لان اللبن الذي دلس به البائع غير معلوم القدر، وأيضا فإنه يقل ويكثر، والعوض ههنا محدود، ولكن الواجب أن يستثنى هذا من هذه الأصول كلها لموضع صحة الحديث، وهذا كأنه ليس من هذا الباب وإنما هو حكم خاص. ولكن اطرد إليه القول فلنرجع إلى حيث كنا فنقول: إنه لا خلاف عندهم في العور والعمى وقطع اليد والرجل أنها عيوب مؤثرة، وكذلك في المرض في أي عضو كان، أو كان في جملة البدن، والشيب في المذهب عيب في الرائعة، وقيل لا بأس باليسير منه فيها، وكذلك الاستحاضة عيب في الرقيق والوخش وكذلك ارتفاع الحيض عيب في المشهور من المذهب، والزعر عيب، وأمراض الحواس والأعضاء كلها عيب باتفاق.
وبالجملة، فأصل المذهب أن كل ما أثر في القيمة: أعني نقص منها فهو عيب، والبول في الفراش عيب، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: ترد الجارية به، ولا يرد العبد به، والتأنيث في الذكر، والتذكير في الأنثى عيب هذا كله في المذهب إلا ما ذكرنا فيه الاختلاف.
النظر الثاني: وأما شرط العيب الموجب للحكم به فهو أن يكون حادثا قبل أمد التبايع باتفاق، أو في العهدة عند من يقول بها، فيجب ههنا أن نذكر اختلاف الفقهاء في العهدة فنقول: انفرد مالك بالقول بالعهدة دون سائر فقهاء الأمصار، وسلفه في ذلك أهل المدينة الفقهاء السبعة وغيرهم. ومعنى العهدة أن كل عيب حدث فيها عند المشتري فهو